ساو باولو: لم يكن البرازيليون في السابق يسمعون عن الفستق إلاّ في محلات الآيس كريم. وفي الواقع فإن تلك البوظة الخضراء التي يعهدونها لم تكن تحتوي في مكوناتها إلّا على القليل من الفستق. قلة هم من كانوا يستهلكون الفستق الطازج. قصة عشق المستهلك البرازيلي مع الفستق الحلبي تعود للعام 2023، حين أنتجت بعض الشركات الكبرى قبيل عيد الفصح بيضة الشوكولاتة المحشوة بالفستق والتي في حينها حققت رواجاً واسعاً على تطبيق التيك توك.
هنالك من يؤمن أنها موضة عابرة، لكن أولئك الذين بدأوا يبيعونه أو يستخدمونه في وصفاتهم يؤكدون عكس ذلك، فالطلب لايزال مرتفعاً ومنتجات الفستق الحلبي تحقق نجاحاً كبيراً. هذا هو حال بيتزا “الفتسق مع النوتيلا” التي تباع في مطعم “لابراسييرا” (La Braciera) الذي له خمسة فروع في ساو باولو.
عن بيتزا الفستق، قال غوستافو برونيللو، شريك ومسؤول التسويق في المطعم: “يتم تحضيرها باستخدام مسحوق الفستق، والشوكولاتة البيضاء، والنوتيلا. لقد خضعت بيتزا الفستق للعديد من الاختبارات قبل أن تصل إلى هذه النكهة المتناغمة واللذيذة، وأحد أسرار نجاحها احتوائها على نوعيين من المكسرات ذات الشعبية الكبيرة في إيطاليا (في إشارة إلى الفستق الحلبي والبندق الذي تصنع منه النوتيلا)”.
من جهته أكد السيد رودريغو بولاشيني، صاحب سلسلة مقاهي “سينيور إكسبرسو”، المنتشرة في ضواحي ساو باولو ومقرها الرئيس في بلدة ساو جوزيه دو ريو باردو، أن الطلب على منتجات الفستق في ارتفاع مستمر، لدرجة أن رفوف الحلوة في المقاهي بدأ يكسوها اللون الأخضر بعد أن اقتصرت في السابق على الكريمات والشوكولاتة. وأوضح أن الفستق غدا جزئاً من وصفات الكعك وحلوة البريغاديرو البرازيلية وحتى الكابتشينو.
بولاشيني يقوم بنفسه بتحميص الفستق وطحنه لضمان جودة منتجاته، ويشرح: “افتتحنا سلسلة سينيور إكسبرسو في عام 2015 لكننا بدأنا باستخدام الفستق منذ عام واحد فقط وذلك عقب موجة الانتشار العالمي للفستق في 2023. ياله من نجاح عظيم، لقد أصبح الفستق أكثر منتجاتنا مبيعاً”.
من المنتجات الأخرى التي ساهمت في استمرار الطلب المرتفع على الفستق في الأسواق البرازيلية هي “شوكلاتة دبي” الشهيرة، التي أطلقتها شركة “فكس ديزيرت شوكلت” الإماراتية في عام 2021. وهي عبارة عن لوح شوكولاتة محشي بطبقة كثيفة من كريمة الفستق والطحينة وعجينة الكنافة المستخدمة كثيراً في الحلويات العربية.
بعد فترة وجيزة، ابتكرت شركة “ليندت” السويسرية النسخة الخاصة بها، ولكنها لم تقم بترويجها في الأسواق البرازيلية إلّا مع نهاية عام 2024. ويصل سعرها في البرازيل إلى أكثر من 600 ريال للوح الواحد الذي لا يتجاوز وزنه كيلو جرام واحد.
ولعل واردات البرازيل من الفستق الحلبي بين عامي 2020 و 2024 هي دليل قاطع على القبول المتزايد للمادة في السوق البرازيلية. ففي عام 2020 استوردت البرازيل 268.37 طن من الفستق الحلبي، بما يعادل 2.5 مليون دولار أمريكي، بينما استوردت 887.5 طن في عام 2024، بما يعادل 11.9 مليون دولار، (الكمية مقاسة خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر). وهذه الحقائق تفتح آفاقاً أمام المنتجين البرازيليين للقيام بتجارب لإنتاج المادة محلياً.
في الوقت الراهن، تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مصدر للفستق إلى البرازيل. الجدير بالذكر أن مادة الفتسق موجودة في المطبخ الأمريكي منذ زمن طويل – كما هو الأمر في إيطاليا -. وفي المرتبة الثانية تأتي إيران ومن ثم الأرجنتين. في السابق كانت الإمارات العربية المتحدة ولبنان من كبار المصدرين إلى البرازيل لكنهما لم تجريان مع البرازيل أي صفقة تجارية للفستق خلال العامين الأخيرين.
كشفت نسرين حداد باتاجليا، طباخة إيرانية انتقلت للعيش في البرازيل عام 1990، أن الفستق أحد أهم مكونات المطبخ الإيراني. في عام 1998 افتتحت نسرين مطعماً، في منطقة “باراتي” بريو دي جانيرو، اسمه “أميغو دو ري” (Amigo do Rei)، واليوم هي مقيمة في ساو باولو تستضيف حفلات العشاء في منزلها وتقوم بتحضير أطباق حصرية يختارها الزبون مسبقاً.
تقول نسرين التي عملت في أحد مطاعم العاصمة طهران: “هناك في إيران، لا تنحصر علاقة الفستق مع الأطباق الحلوة فقط. بل من الشائع جداً استهلاكه محمصاً ومملحاً. يمكن أن تراه في الشوربات واليخنات والكيك، كما يستخدم لتزيين الحلويات أيضاً “.
من إعداد ديبورا روبن بالتعاون مع وكالة الأنباء العربية البرازيلية (أنبا)
*ترجمة معين رياض العيّا