بقلم سعادة السفير أحمد سوار
عُرِفَ السودان منذ العصور القديمة بتوفر عدد من المعادن على أرضه خاصة المنجنيز والكروم والنحاس والحديد وغيرها، بيد أن الذهب المعدن الأكثر شهرة، حيث عُرِفَتْ منطقة شمال السودان الحدودية مع جمهورية مصر العربية ببلاد النوبة وتعني كلمة النوبة أرض الذهب، حيث كان لدى الفراعنة اهتمام خاص بهذا المعدن، كما أن السلطان العثماني محمد على باشا كانت أهم أهدافه لغزو السودان هي الحصول على الذهب. وبحسب الخارطة الجيولوجية لدى وزارة المعادن السودانية فإن الذهب ينتشر في مناطق عديدة من السودان، في المنطقة الصحراوية في أقصى الشمال، ومناطق الساحل الشرقي على البحر الأحمر، وفي أقصى غرب السودان، حيث يتمركز المعدن الأصفر بكثافة في منطقة جبل عامر، كما يوجد في جبال العوينات عند الحدود مع كل من مصر وليبيا .أما المنطقة الممتدة من وادي حلفا حتى عطبرة والتي تتميز بالصخور البركانية والرسوبية، فقد تنافست عليها العديد من الشركات للحصول على أمتياز التنقيب، فضلا ًعن منطقتي جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان اللتان تشتهران بسلاسل جبلية غنية بالمعادن خاصة جبال بنى شنغول وجبل الدائر في منطقة جبال النوبة .
يحتل السودان المرتبة الثالثة في إنتاج الذهب بعد جنوب أفريقيا وغانا، تليه مالي، حيث بلغت معدلات انتاج الذهب في السودان خلال أعوام ما قبل الحرب ما بين 120 إلى 200 طن سنوياً وقد أثبتت دراسات الجدوى وتجارب الشركات التي استثمرت في الذهب بأن نسبة الاستخلاص تعادل ما قيمته 26 جرام للطن الخام فيما يتراوح متوسط الاستخلاص عالمياً ما قيمته 3-6 جرام للطن الخام . تجدر الإشارة إلى أن العديد من الشركات قد حصلت على امتياز التعدين في مختلف أنحاء البلاد، وتعتبر شركة أرياب الفرنسية التي باشرت التنقيب منذ أوائل الثمانينات في القرن الماضي في منطقة البحر الأحمر إلى جانب شركات عديدة حصلت على إمتياز التعدين، منها على سبيل المثال لا الحصر شركة مناجم المغربية وشركات صينية وروسية وأخرى سعودية حيث بلغ إجمالي التصاديق التي منحتها وزارة التعدين بالتضامن مع وزارة الاستثمار نحو 435 تصديق لشركات تتفاوت أحجام استثماراتها على مستوى الأعماق والمستوى السطحي كما أن الآلاف من المواطنين السودانيين قد توجهوا للتعدين التقليدي السطحي الذي يحقق لهم دخلاً جيداً.
يُشَكِلُ الذهب حالياً أكبر عائدات صادرات البلاد بعد تراجع عائدات النفظ في أعقاب انفصال جنوب السودان. ورغم الاثار السلبية للحرب التي شنتها المليشيا المتمردة على قطاع التعدين، فإن مناطق واسعة لا تزال تتمتع بحماية الدولة وبامتيازات وفق قانون الاستثمار السوداني، ولاتزال الفرصة متاحة أمام الشركات البرازيلية للولوج في هذا القطاع لما للبرازيل من تجربة متقدمة في مجال تعدين الذهب، وذلك سيحقق كسب إضافي وإثراء وتنوع للخبرات السودانية، كما سيعزز فرص التكامل وبناء المصالح المشتركة للبلدين تجسيداً لشعار الأطلسي، “جسر يربط بين أفريقيا وأمريكا الجنوبية وقلبها النابض البرازيل“.
سعادة السفير أحمد سوار، هو القائم بأعمال سفارة السودان لدى البرازيل
إن الآراء الواردة في المقالات هي مسؤولية المؤلفين.