بقلم إيلايني براتيس
أُتيحَتْ لي الفرصة في شهر تشرين الاول/ أكتوبر للمشاركة في الدورة الافتتاحية للمنتدى العالمي للخدمات اللوجستية (GLF) والذي عقد في العاصمة السعودية الرياض، من خلال حدث نظمته وزارة النقل والخدمات اللوجستية السعودية، حيث من المزمع تنظيم هذا المنتدى سنوياً. فخلال يومين كان ملؤها التعلم والمعرفة والنقاشات المكثفة، اجتمع قادة الصناعة وواضعو السياسات واخصائيون مشهورون عالمياً لبحث واستكشاف أحدث التحولات وأكثرها إلحاحاً في سلاسل التوريد العالمية وقطاع الخدمات اللوجستية.
وكان المنتدى قد سلط الضوء على أفضل الممارسات في التنظيم والسياسات العامة، بالإضافة إلى تقديم استراتيجيات مبتكرة للقطاع الخاص لتحسين عمليات سلسلة التوريد وتعزيز التجارة الإلكترونية العالمية. لقد برز المنتدى العالمي للخدمات اللوجستية على خلفية التغير التكنولوجي السريع والترابط الاقتصادي المتزايد بين البلدان كمساحة لمناقشة الحلول التي تلبي المتطلبات الجديدة للقطاع ومواءمة المصالح العالمية مع الرؤية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية لتصبح مركزاً لوجستياً دولياً.
يشكل هذا المنتدى جزءاً من الاستراتيجية الأوسع للمملكة العربية السعودية وهي رؤية السعودية 2030, التي تسعى لتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على الصادرات النفطية. وتعتبر الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية مركزية بالنسبة لرؤية السعودية التي تهدف إلى تعزيز القدرة اللوجستية للمملكة العربية السعودية التي تحولت إلى إحدى المراكز اللوجستية العشر الأكبر عالمياً. وذلك من خلال أكثر من 36 مليار دولار أمريكي مخصصة لمشاريع متعددة في البنية التحتية، بما فيها توسيع الموانئ والمطارات وشبكات السكك الحديدية، حيث إن المبادرات السعودية تسعى لتلبية الطلب المتنامي لحلول التجارة العالمية والخدمات اللوجستية.
فتحت عنوان “مستقبل الخدمات اللوجستية”, ركز المنتدى العالمي للخدمات اللوجستية 2024 على مجالات مهمة جداً مثل التحول الرقمي في الخدمات اللوجستية والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والاستدامة والهيكليات السياسية التي تسرع الاتصال الاقليمي والعالمي. حيث كانت الجلسات والنقاشات وورشات العمل قد بحثت أحدث الابتكارات التكنولوجية والتحديات والسياسات الضرورية لبناء سلاسل توريد مرنة ومستدامة.
إن الموقع الجغرافي للمملكة العربية السعودية يضعها استراتيجياً ضمن قائمة الشركاء التجاريين المهمين في آسيا وأوروبا وإفريقيا. إن سلاسل التوريد العالمية تمر بتغيرات يدفعها الديناميكيات الجيوسياسية والطلب على مسارات أقصر وأكثر فعالية، من ناحيتها فإن التنمية اللوجستية للمملكة العربية السعودية يمكنها أن توفر من وقت السفر وتزيد من الكفاءة في شبكة التوريد العالمي. إن المجمعات اللوجستية والمناطق الحرة ومبادرات مثل المشروع السعودي Landbridge تعكس التزام البلاد بالتجارة عبر الحدود واصلة الخليج العربي بالبحر الأحمر.
كما سلط المنتدى الضوء على تركيز السعودية على إدخال أو ضم الممارسات المستدامة إلى قطاعها اللوجستي, حيث إن البلاد تستثمر في مصادر الطاقة المتجددة، وتحويل أساطيل النقل إلى أساطيل كهربائية, والحلول اللوجستية الصديقة للبيئة للحد من بصمتها الكربونية ووضع نفسها كلاعب عالمي مسؤول في إدارة سلسلة التوريد.
بهذه الطريقة، ومن خلال تجربتي الفريدة بالمشاركة في هذا الحدث المتميز في السعودية، استطعت أن أدرك كيف يسعى هذا البلد لكي يصبح بوابة للتجارة العالمية. وإني أتفهم بأن البلاد من خلال تقدمها في السياسات والبنية التحتية والابتكار، لا تفتح الفرص الاقتصادية والاقليمية فحسب وإنما تشكل مستقبل الخدمات اللوجستية للعالم.
إيلايني براتيس, طالبة ماجستير في برنامج الإدارة والسياسات العامة (MPGPP) التابع لمؤسسة جيتوليو فارغاس في مدينة ساو باولو (FGV-SP), ومحللة العلاقات المؤسسية في الغرفة التجارية العربية البرازيلية.
إن الآراء الواردة في المقالات هي مسؤولية المؤلفين.