بقلم “رودريغو سولانو”
ليس من غير المألوف، عندما نفكر في التنافسية العالمية، أن تتبادر إلى أذهاننا الجوانب المتعلقة بانخفاض أسعار المنتجات أو الخدمات، وهو أمر منطقي تمامًا. ومع ذلك، يجب ألا ننسى أن نجاح الأعمال يرتكز على ثلاثة عناصر أخرى مما يسمى بـ “المزيج التسويقي” (السعر والمنتج والترويج والمكان). ولتجسيد هذه العوامل إلى أرض الواقع يتوجب علينا اكتساب المعرفة.
ويبين تقرير صادر عن “البنك الوطني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية” (BNDES) أن الاستثمار في التعليم ورأس المال البشري يعد من أهم العناصر التي يمكن أن تسهم في تحقيق الانفتاح التجاري والتدويل. ويتوافق هذا الجانب مع المناهج متعددة التخصصات التي تشمل السيميائية والتسويق الدولي.
وبالمختصر المفيد، فالقدرة التنافسية في البيئة الدولية ترتبط، بالإضافة إلى جوانب أخرى، بقدرة الشركات على التفاعل مع رغبات عملائها من خلال طرق التواصل معهم. وهذا يشمل ترسيخ مبادئ سلوكية تستند إلى رؤية الشركة والرسالة والقيم التي ترتكز إليها، والتي تنعكس على المنتجات والخدمات والترويج التجاري من خلال العلامة التجارية، والهوية، وأدوات التواصل والتفاوض، وأيضاً على اختيار القناة الأكثر انسجاماً مع طبيعة العمل.
وهكذا يعتمد تحقيق النجاح على صعيد الأعمال الدولية على التمكين الإداري في تنمية الكفاءات البشرية وتهيئتها لمعرفة الأسواق المستهدفة. وهذه المعرفة تتجاوز بكثير نطاق الكميات المباعة لتشمل المعلومات العامة حول العالم، والتي تُعرف أيضاً بـ “العقلية العالمية” (INTERNATIONAL MINDEST)، ولتشمل أيضاً وبشكل أساسي إدراك الهوية الثقافية لكل سوق، مع مراعاة التغيرات الناتجة عن إختلاف المكان والزمان، بالإضافة إلى منصات التواصل الإجتماعي مثل “فيسبوك” (FACEBOOK) و”انستغرام” (INSTAGRAM) و”لينكد إن” (LIKEDIN) والمفاوضات الافتراضية.
وقلّما يكون لحجم السوق علاقة بالكمية المستوردة من منتج مصنف تحت رمز دولي منسق معين. وانطلاقاً من هذه المعادلة يمكننا تحديد نقطة الانطلاق. ولكن من المهم أيضاً تقدير عدد المشترين الذين تتمكن إستراتيجية التواصل للشركة من تلبية رغباتهم، بحيث تستطيع تقديم منتجات متميزة ومفضلة على المنتجات الأخرى.
في هذا السياق، من الضروري السعي الدائم نحو التحديث المستمر والمعرفة، عن طريق تنظيم الدورات التدريبية ومراجعة الأدبيات ذات الصلة وإقامة المشاريع التدريسية الدولية والمتعددة التخصصات، لا سيما تلك التي يشرف على تنظيمها باحثون من ذوي الخبرة في هذا المجال. كما ينبغي أن توفر المعرفة الدعم اللازم للأنشطة اليومية، بحيث تهيىء الأرضية لجمع معلومات أكثر دقة وفاعلية للتكيف والإستفادة من الفرص المتاحة.
على سبيل المثال، فقد أجريت مؤخرًا دراسة استقصائية ركزت على الحضور البرازيلي في أكبر محلات السوبر ماركت في العالم. وتسلط هذه النتيجة الضوء على الفرص المتاحة أمام الشركات البرازيلية، لا سيما في قطاعات الغذاء والأزياء ومستحضرات التجميل. وأسوة بالعمل الذي أقوم به، هناك العديد من الباحثين ومن المنظمات المتخصصة في دراسة الجوانب المتعلقة بالتدويل.
وعلى صعيد الدراسات التي صدرت مؤخراً بإمكاني التطرق إلى الدراسة التي أعدتها “سيلفانا غوميز”، مديرة التسويق في الغرفة التجارية العربية البرازيلية، فيما يتعلق بإضافة قيمة للمنتجات المصدرة من خلال تقديم الخدمات. أما فيما يتعلق بالتواصل بين الثقافات، أُبرز على سبيل المثال الأعمال الإنتاجية والأنشطة التي طورتها الأستاذة الدكتورة “ماريا أباريسيدا فيراري”، من كلية الاتصالات والفنون بجامعة ساو باولو (USP)، والأستاذ “دييغو بونالدو كويليو”، من المدرسة العليا للدعاية والتسويق (ESPM)، الذي روج لدورات متخصصة في مجال التدويل. وهناك بالتأكيد المزيد من المؤسسات والباحثين الذين يضعون التدويل في صلب اهتمامهم.
ومما لا شك فيه أنه بإمكان غرف التجارة والاتحادات والجمعيات المهنية وهيئات ترويج التجارة وتعزيزها، أن تلعب دوراً طليعياً في توفير المعلومات التي من شأنها أن تساهم بفعالية في ترسيخ فكرة التدويل لدى المديرين التنفيذيين ورجال الأعمال، من خلال التدريب والتأهيل النوعي. ويمكن أن تُحدث مواكبة التطورات من خلال هذه المنظمات فارقاً كبيراً عند التفكير في اتخاذ قرار التدويل، خاصة وأن المعرفة البشرية هي الداعم الرئيسي للتطورات من أجل أداء تنافسي ومستدام.
“رودريغو سولانو” خبير في مجال التواصل حول موضوع التواصل الثقافي ما بين المنظمات. وقد قام بتأليف كتابين حول موضوع التدويل. يقدم خدماته حالياً لشركة (Think Global) في مجال تدويل المشاريع (www.thinkglobal.com.br).
*ترجمة صالح حسن