ساو باولو – يمكننا اعتبار عام 2021، حتى يومنا هذا، عام الأسعار القياسية والطلب المتزايد على الذرة في السوق العالمية. فخلال العام الجاري سجلت الصادرات البرازيلية من السلعة زيادة بنسبة 30% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، فقد ازداد حجم الواردات العربية، حيث بلغت 212,5 مليون دولار أمريكي في الفترة من يناير إلى مارس، أي ما يعادل زيادة بنسبة 132%.
وأشار مركز الدراسات المتقدمة في الاقتصاد التطبيقي (CEPEA) في المدرسة العليا للزراعة “لويز دي كيروز”، التابعة لجامعة ساو باولو (ESLAQ / USP)، الذي يرصد تطور أسعار الذرة، إلى تراجع المعروض في السوق العالمية. خاصة وأن المنتجون تأثروا بانخفاض مستوى مخزونات محصول 2019/2020، ويراقبون باهتمام وقلق مستوى الإنتاجية للمحاصيل الجديدة. ومع ذلك، فقد ظل الطلب على السلعة مرتفعًا على المدى القصير. وقد جاء في المذكرة الفنية للمركز، الصادرة خلال الأسبوع الجاري أنه “في ضوء ذلك كله، واصلت أسعار الحبوب في ارتفاعها، مسجلة أرقام قياسية في كثير من المناطق التي يرصدها مركز الدراسات المتقدمة في الاقتصاد التطبيقي (CEPEA).
ومن أجل فهم أوضح للمستويات القياسية للأسعار، لا بد من القاء نظرة على ارتفاع الطلب، سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي.
السوق الخارجية
أصبح شراء الذرة أكثر تكلفة ليس في البرازيل فحسب، وإنما في السوق العالمية ككل. وحول هذا الموضوع أوضح كبير محللي الحبوب لدى شركة شركة “داتاغرو” (DATAGRO) الإستشارية “فلافيو فرانسا جونيور”، قائلاً: “لقد عانت الولايات المتحدة من خسارة باهظة في المحاصيل لعامين متتاليين. وفي الأسابيع القليلة الماضية، تلوح في الأفق عامل جديد، ألا وهي التكهنات بانخفاض المحصول الأمريكي لهذا العام، بسبب تأثيرات التغيرات المناخية، والتي قد تتسبب في انخفاض العرض. لا شيء إلى حد اليوم بهذا الخصوص، لكن هذه المخاوف أثارت اضطراب السوق”.
ووسط هذه الشكوك حول كمية الذرة المتوفرة في السوق العالمية، اجتاحت الصين الساحة واستحوذت على ملايين الأطنان من الذرة الأمريكية. ففي شهر فبراير من هذا العام، وفي صفقة شراء وحيدة، اشترى العملاق الآسيوي 2,1 مليون طن من المنتج، وفقًا لوزارة الزراعة الأمريكية (USDA).
كان هذا الزحف الصيني كان أحد العوامل التي ربما دفعت العرب إلى تكثيف السعي للحصول على الذرة في السوق البرازيلية. وفي مجموعة الدول العربية، وحتى في الترتيب العام لوجهات المنتج البرازيلي، فإن البلد الذي يتصدر هذه القائمة في عام 2021، هو بلد عربي، ألا وهو مصر.
فخلال فترة ما بين يناير ومارس، أنفق المصريون ما قيمته 158 مليون دولار أمريكي لشراء الذرة البرازيلية، وهذا يعني زيادة بنسبة 295% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2020. يقول “فلافيو فرانسا جونيور”: “لقد برزت مصر كإحدى الدول الأكثر استيراداً للذرة البرازيلية. واحتلت في العام الماضي المرتبة الرابعة. ولكن، بشكل عام، فإن العرب لا يشترون عادة في هذه الفترة [الربع الأول] بهذا الحجم الذي نراه الآن”. وبالإضافة إلى مصر، فقد برزت دول عربية أخرى في قائمة المشترين الرئيسيين للسلعة البرازيلية كالمغرب والمملكة العربية السعودية.
الطلب المحلي
يؤكد المحلل توفر رأس المال لدى المنتجين وبالتالي فإنهم لن يتعجلوا في بيع مخزونهم. ومع انخفاض العرض في السوق المحلية، تتعرض الأسعار لضغوط أكبر. يقول “فرانسا جونيور”: “هذه الزيادة في القيم هي بالفعل ثمة اتجاه آخذ في التقدم خلال العام الجاري. فمن خلال النتيجة المجمعة للسنة حتى الآن، نلاحظ تقارب الأسعار المحلية والأجنبية. وبالنسبة للمحصول الحالي، فهو للأسف أقل من المحصول السابق، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار المحلية إلى هذه المستويات القياسية. أما موسم الحصاد الشتوي فيبدأ في يوليو، لكن هذا السيناريو لا ينبغي أن يتغير كثيراً”.
والجدير بالملاحظة أن ارتفاع الأسعار جاء لصالح المنتج، الذي، على الرغم من الانخفاض الطفيف الذي طرأ على سعر الصرف، استمر في تحقيق نتائج ايجابية في السوق المحلية. ومع ذلك، فمن الممكن أن يؤدي تطور هذا الوضع إلى تفاعل تسلسلي والوصول إلى قطاعات أخرى. كما هو الحال بالنسبة لقطاع الدواجن، الذي يعتمد على الذرة كعلف أساسي للدجاج. وحول هذا الموضوع يقول “فرانسا جونيور”: “المشكلة هي أنه عندما يحدث ذلك، يخرج جانب واحد متضرراً، لأن المشتري غير قادر على تمرير هذه الزيادة. هذا يعني أن المداجن معرضة لخطر الإغلاق أو تقليص حجم استثماراتها. مما ينعكس سلباً على تسويق الدجاج، على سبيل المثال”.
*ترجمة صالح حسن