ساو باولو – تلك هي الزيارة الأولى التي يقوم بها ثلاثة رسامين مصريين إلى البرازيل، حيث قدموا أعمالهم الفنية في معرض أقيم في ساو باولو، خلال المهرجان الثقافي المصري. وإضافة إلى الجنسية والشغف للتعرف على البرازيل وخصائصها المميزة، يتقاسم الثلاثي عوامل مشتركة أخرى. فلوحاتهم تتناول مواضيع ذات صلة بالسياسة والمرأة العربية. وأحياناً تندمج هذه المواد في نفس اللوحة. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء العربية البرازيلية (انبا) تحدث الرسامون عن الأساليب المتبعة في أعمالهم والنتائج التي تعكسها لوحاتهم الفنية.
سمر كامل
وسط النصوص الصحفية التي تشملها قصاصات الصحف (فن الكولاج) ومن بين ألوان الطلاء المبعثرة في اللوحات الفنية، تتبع أعين النساء المحجبات حركة زائري المعرض الذي يقام في نادي حمص. إنها لوحات الفنانة المصرية سمر كامل، المقيمة في دبي، الإمارات العربية المتحدة. وخلال المقابلة التي أجرتها معها وكالة الأنباء العربية البرازيلية (انبا) قالت الفنانة المصرية: “إنني أمتهن الكتابة أيضاً. فأكتب وأرسم عن المرأة. أنا نسوية، وأريد أن تعكس أعمالي معاناة ومشاعر وأفكار المرأة في الشرق الأوسط والمشاكل التي تعاني منها. لذا فإنني أستذرف كامل طاقتي في هذه اللوحات”.
وتظهر الأعمال المعروضة في ساو باولو مزيجاً من المواد والإتجاهات الفنية. فهناك لوحات استخدمت فيها الفنانة تقنية الـ “IMPASTO”، التي يتم فيها تطبيق الطلاء بطبقات سميكة للغاية، وفن الكولاج. وحول هذا الموضوع تقول سمر: “إنني مولعة باستخدام التقنيات المختلطة وإنتاج الأشكال المختلفة في ملامسها السطحية”. علماً بأنها تستخدم في أعمالها الأكريليك والزيت، فضلاً عن طلاء الأظافر “المانيكير” وأكياس الشاي
وتصور لوحاتها المعروضة في ساو باولو المرأة الشرق أوسطية بأزياء تقليدية أو حديثة، تحمل في طياتها تعبيراً عن نمط أكثر عمقاً في لوحاتها. تقول سمر كامل: “الكثير من أعمالي الفنية تهدف إلى إثارة الإستفزاز فعلاً. فلى سبيل المثال تصور إحدى لوحاتي إمرأة تصرخ وفي الخلفية كلمات باللغة العربية. إنها صفات ينعت بها الجيران والمجتمع بشكل عام المرأة، كـ “سمينة” و”سمراء” و”مدخنة” وأشياء أخرى. أشعر في مختلف المجتمعات، وليس فقط في المجتمع المصري، أنه عندما تُطلّق المرأة فهذا مبرر لكلام الناس. النساء يدفعن الثمن. إننا ندفع ثمن الحياة. فكل عمل تقوم به المرأة محسوب بدقة، لأنها تدرك من سيقول وماذا سيقول”.
أما في مضمار العمل الأدبي فإن سمر تكتب رواياتها باللغة العربية وقد صدرت أعمالها الأدبية في الإمارات العربية المتحدة ومصر. وفي هذا السياق تقول سمر: “أحاول أن أجعل الناس يدركون أن النساء مختلفات (فيما بينهن)، وأنهن لسن نصف المجتمع فحسب، بل هن المجتمع”. والجدير بالذكر أن أعمالها عُرضت في أكثر من 60 معرضاً دولياً.
كما تجدر الإشارة إلى أن الفنانة المصرية أشرفت على العديد من الفعاليات الفنية، كنسخة 2019 لمعرض فنون العالم دبي (World Art Dubai)، التي تعرض أعمالها فيه منذ أربعة أعوام. وانتهزت فرصة الزيارة لمتحف الفنون في ساو باولو (MASP) لتستوحي أفكار جديدة من الممكن تطبيقها في المعارض التي تشرف على تنظيمها. وقالت: “لقد أعجبت جداً بالطريقة التي تعرض فيها الأعمال الفنية في متحف الفنون في ساو باولو (MASP). وهذا يشكل جزءاً من العمل الذي أقوم بإنجازه”. وأوضحت أن هناك أوجه تشابه كثيرة ما بين ساو باولو والمدن المصرية.
لطفي أبو سرية
بدأ لطفي أبو سرية مسيرته الفنية منذ أكثر من 50 عاماً. فهذا الفنان المصري المقيم في بلجيكا يرسم يومياً. ويوضح قائلاً: “أرسم أشخاص. أرسم دائماً نساء وفقط النساء. لماذا؟ لأنني أرسم أشياء ممتعة”. ثم فتح دفتره وبدأ بالخربشة.
واللوحة التي يقوم برسمها خلال فترة إقامته في البرازيل هي لراقصة باليه صٌنعت تنورتها من قصاصات زهرة عثر عليها في شارع “افينيدا باوليستا” في ساو باولو.
تتناول أعماله الفنية، بأساليب مختلفة، مواضيع تتعلق بالوحدة، وعبء الطلاق الذي تحمله المرأة أمام المجتمع. ويشرح قائلاً: “أعتقد أن النساء يمثلن الحياة. إنهن شعار أعمالي الفنية”. ويستخدم الفنان في رسوماته شخصية المرأة كقاعدة لتصوير مواضيع أخرى، كالسياسة. ففي اثنتين من لوحاته صور الفنان أحداث الربيع العربي، على سبيل المثال.
ويضيف لطفي أن مسيرته الفنية مرت بعدة مراحل، فقال: “بدأت بأسلوب أكاديمي. ثم انتقلت إلى العاطفي. بعد ذلك تحولت إلى التعبيرية. والآن بداية السيريالية”. ثم شرح لنا كل مرحلة من المراحل عبر لوحاته المعروضة في نادي حمص.
وحالياً، يترأس لطفي أبو سرية قسم التصميم في إدارة الإعلانات في شبكة “كارفور” في الدول الأوروبية، كالبرتغال واسبانيا. لكنه في بداية حياته الفنية بدأ باستخدام أكثر الأساليب التي تميز عمله الفني، أي الرسم على البردي. فكان يرسم على قطع صغيرة من ورق البردي، ويلصقها على قاعدة أكبر حجماً. وقد بدأ بالرسم على البردي سنة 1966، عندما قرر استخدام الورق كوسيلة فنية معاصرة. وأولى رسوماته على البردي موجودة في معهد مصر للبرديات في القاهرة.
بدأ بممارسة الرسم في العاشرة من عمره. ويعتقد أنه مُنح موهبة فطرية يرغب بتقاسمها مع الآخرين. فيقول: “مشروعي هو عرض لوحاتي في المتاحف المنتشرة في جميع أنحاء العالم. أعتقد أن الجميع يتكلمون نفس اللغة. فنحن جميعاً نتكلم لغة الفن”. ثم كتب على الورقة بين يديه الجملة التي يرغب بنشرها عن طريق فنه، ألا وهي: “الفن والثقافة يعيدان بناء ما دمرته السياسة والعنف”.
أحمد سمير فريد
ولد المصري أحمد سمير فريد سنة 1969 وتخرج من كلية الإقتصاد والعلوم السياسية في القاهرة. لكنه منذ 17 عاماً يعمل في مجال مختلف عن الحقل الذي درسه لسنوات مديدة: إنه رسام كاريكاتير. ويشرح قائلاً: “أرسم أيضاً لوحات فنية، لكنني اخترت الكاريكاتير لأنه أكثر متعة”.
بدأ الفنان المصري بنشر رسوماته في عام 2006 وشارك منذ ذلك الحين في مسابقات وطنية ودولية. وخلال فترة إقامته في البرازيل خصص له جناح في نادي حمص، حيث قدم أعماله للزائرين. في حياته اليومية، يمارس العمل المستقل ويقوم بتصميم الرسوم الكاريكاتورية للصحف المصرية.
وقال: “أحب العديد من المواضيع، لكن السياسة تشكل عنصراً هاماً في ترعرعي كفنان، لذا فلدي الكثير من الرسوم الكاريكاتورية لشخصيات سياسية. أما بالنسبة للرسوم المتحركة فالفكرة أن يكون هناك حوار. أنا أفضل عدم استخدام الترجمات المصاحبة لكي يفكر الناس بما أريد قوله”.
ويعتقد الفنان أن هناك متسعاً لزيادة عدد الرسامين الكاريكاتوريين في البلاد، وقال: “لدينا فقط حوالي 200 رسام كاريكاتوري، لكن فقط 60 أو 70 من هؤلاء يمارسون المهنة”. لذا فقد قرر فريد تطوير مهارة شخصية أخرى، ألا وهي مهارة التدريس. فقال موضحاً: “أستعد لإقامة أكاديمية للرسوم المتحركة لتعليم الفن عبر الفيسبوك. كما أرغب بإقامة ورش عمل للأطفال من أجل تعليمهم الرسم الكاريكاتوري، ودعوة فنانين آخرين للمشاركة في هذا المشروع”. وأعرب عن رغبته بزيادة الاهتمام بالفن في وطنه، حيث لا يزال يقيم حتى اليوم.
ترجمة صالح حسن