ساو باولو – نشرت الكاتبة “كريستينا جودار”، الحائزة على جائزة ساو باولو للآداب “São Paulo de Literatura” والواصلة لنهائيات جائزة “Jabuti” لعام 2018، رواية جديدة بعنوان: “Elas Marchavam Sob o Sol” (سارتا تحت نور الشمس)، سردت من خلالها وجهات نظر للعديد من الشخصيات، مركزة على شابتين تملكان منظوران متوازيان ما بين الحداثة والأصالة، وشيئاً فشيئاً تلتقي أفكارهما.
شخصيتان كان من السهل على الكاتبة استلهامهما من تاريخ لبنان، هذا البلد الذي يجمع بين الأصالة والانفتاح على العالم، والذي أتى منه جدّاها (من طرف والدها). ولكن على العكس، ظهرت الشخصيات مستقلة عن الكاتبة وملامحها مقتبسة من سعي المؤلفة نحو تعددية منظورات السرد.
Elas Marchavam Sob o Sol
رغم أنها لم تنقل تجربتها الخاصة من خلال هذا الكتاب، إلاّ أن الكاتبة مؤمنة بأهمية الحفاظ على ثقافة الأجداد وإحيائها. حيث قالت: «إنه كتاب خيالي، لذا فهو لا يروي قصة محددة تخصني، ولكنه ومن دون أدنى شك ليس بمعزل عن تجاربي الشخصية. أرى أنه من الواجب على كل شخص الاقتداء بجذوره، وأنا شخصياً أسعى دائماً لاحترام هذه الفكرة على الرغم من معرفتي السطحية بنساء العائلة اللواتي سبقنني. لقد فاتني الكثير من الوقائع لأني لم أكن على تواصل دائم معهن، ومع ذلك أؤمن بأن مجرد التشرف بهذه الأصول هو أمر مهم للغاية».
تعرض هذه الرواية، التي أشرفت على نشرها مطبعة “دوبلينينس” (Dublinense)، وجهات النظر المختلفة للشخصيات المشاركة، ما يجعل منها أطروحة متنوعة وديناميكية، ركزت فيها الكاتبة على تعددية الأصوات. وبهذا الخصوص قالت: «إنه تحد وتجربة مثيرة للاهتمام تختبر من خلالها قدرتك على خلق شخصيات متعددة تسير مجتمعة لتشكل العمل الواحد. ولإيصال الرسالة المرادة من هذه الرواية، كان لا بد أن أخلق الكثير من الأصوات التي ثمّنت العمل. الأمر شبيه بالحياكة، إذ نحتاج لأنواع مختلفة من الخيوط لحياكة قطعة متميزة».
فمن خلال الشخصيتين الرئيسيتين في الرواية، آنا وجوان، اللتان تختبران الحياة إلى أن تبلغا الثامنة عشرة من العمر، تسلط الكاتبة الضوء على قضايا الاضطهاد التي تتم على مرأى الجميع، وخاصة تلك المتعلقة بجنس الشخص. حيث عبّرت “جودار”: «إنها مسيرة باتجاه الحرية والمطالبة باستعادة الحقوق. وهذا الجزء من الرواية يعتبر من أهم محطاتها. فهو يصوّر كفاح معروف للجميع ولا يمكن غض النظر عنه. قضية لا يمكن لها إلاّ أن تكون واضحة ومعلنة. في المحصلة هو كفاح مشترك وإن اختلفت مسارات شخصياته. لقد سارتا وستسيران نحو تحقيق الحرية».
الأصول العربية
إن ارتباط الكاتبة بالثقافة العربية يعود بشكل أساسي لمرحلة الطفولة. حيث عبّرت: «والدي مولود من أبوين لبنانيين، حتى أن بعض إخوته ولدوا هناك، وكونه أصغرهم سناً، شاءت الأقدار أن يولد في البرازيل. لقد سنحت لي الفرصة بالتعرف على جدتي، ولكن بحكم الاختلاف العمري، لم نتواصل كثيراً. إلاّ أن الجانب الثقافي وفن الطهو العربي لم يتغيبا عني يوماً».
اقرأ أيضاً:
ذكريات العائلة هي في الغالب ذكريات جميلة. إذ وصفتها قائلة: «كانت عائلة مفعمة بالحيوية. كانوا يحبون الحفلات والمرح، وهو إرث عظيم جداً. إنهم أناس عاشقون للحياة». والجدير بالذكر أن “كريستينا” ليست الوحيدة في العائلة التي سارت في مجال الآدب، فأختها “تانيا جودار” هي الأخرى كاتبة متخصصة بقصص الأطفال. حيث صرّحت: «كلانا يمتهن الكتابة، ولكن كلِّ في عالمه الخاص». تركت “كريستينا” مهنة الصحافة لتدخل عالم الآداب، ومنذ عام 2009 وهي تنشر أعمالاً متنوعة ما بين قصص قصيرة وكتب مصورة وروايات.
كرستينا حالياً منشغلة بتحضيرات ما بعد الإصدار والترويج للعمل الجديد. ورغم عدم نشرها بعد لكتبها في الدول العربية، إلاّ أنها تفاجأتْ ببعض نصوصها مترجمة إلى اللغة العربية: «لدي نصوص وقصص قصيرة مترجمة إلى اللغة العربية. عرفت ذلك بالصدفة، وتفاجأتُ كثيراً حينها. ذات يوم شاهدت صورتي على إحدى الصفحات باللغة العربية ولم أكن أعلم ما الخطب. بحثت في الموضوع إلى أن التقيت بالكاتبة البرازيلية “ليلى تيكسيرا” التي أخبرتني بأن إحدى المترجمات أعجبت بنصوص لنا مكتوبة باللغة الإنكليزية وقررت ترجمتها إلى اللغة العربية».
إلى الآن لم ينتشر أي عمل كامل للكاتبة في الدول العربية. إذ أوضحت: «ما من تواصل مباشر مع دور نشر عربية. سأكون ممتنة للغاية إذا ما تعرفت على الوسيلة الأنسب لخوض هذه التجربة (امتلاك كتاب مترجم إلى اللغة العربية). حتى إنّ المشاركة في أحد المعارض الأدبية العربية سيكون أمراً ممتعاً جداً».
*ترجمة معين رياض العيّا