ساو باولو –افتتح عمر حسن العيس متجرًا لأحواض السباحة في ريو دي جانيرو وهو في سن الثانية والعشرين. وقد جاءته الفرصة بفضل شقيقه الأكبر الذي كان يملك آنذاك امتيازًا من شركة IGUI. في البداية، عمل عمر مع شقيقه وتعلم منه كل ما يخص هذا المجال، ثم انتهز الفرصة ليصبح هو أيضًا صاحب امتياز لأحواض السباحة المصنوعة من الألياف.
واليوم بعد حوالي عشرين عامًا، أصبح عمر مالكًا لثلاث امتيازات تجارية: الأولى “iGUi CasaShopping”، وهو أكبر متجر لأحواض السباحة في ريو دي جانيرو، والثانية “Splash Avenida Brasil”، أنشأها في نفس الموقع الذي افتتح فيه متجره الأول، والثالثة “TRATABEM Barra da Tijuca”، وهذه الوحدة مخصصة لخدمات ما بعد البيع وتنظيف وصيانة حمامات السباحة. يمتلك عمر كادر وظيفي مكون من 18 موظف، بالإضافة لمقدمي الخدمات.
وُلد عمر في مدينة “دورادوس” بولاية ماتو غروسو دو سول، لكنه نشأ في ريف ريو غراندي دو سول، حيث خطا خطواته المهنية الأولى في وكالة السفر التابعة لوالدته، ومن ثم انتقل للعيش في الولاية التي يعمل بها شقيقه. جاء والده من فلسطين عام 1966 بدعوة من شقيقه الذي كان قد استقر في مدينة توليدو بولاية بارانا، ولطالما كان والدا عمر أصحاب مشاريع خاصة.
وحينها بدأ والده العمل كبائع متجول يبيع كل ما يمكن بيعه. يقول عمر: “كانت الجالية العربية متفرقة، وفي أحد الأعراس بريو غراندي دو سول تعرّف والدي على والدتي التي تنحدر هي الأخرى من أب فلسطيني من قرية كوبر، وهي نفس قرية والدي”. تزوج والداه عام 1977، وانتقلا بعدها إلى مدينة “دورادوس” حيث أنجبا أربعة أبناء.
وفي عام 1985، وهو نفس العام الذي وُلد فيه عمر، انتقلت العائلة إلى ريو غراندي دو سول وهناك كان لهم أقارب آخرون. واليوم، في سن الثامنة والسبعين، لا يزال والده يحافظ على روتينه اليومي بالذهاب إلى متجر الأدوات المنزلية الذي يملكه في مدينة باروبي (ريو غراندي دو سول).
المصير والمستقبل
كان عمر يرغب أن يكون لاعب كرة قدم، لكنه كان يملك موهبة في القيادة، وكبر وهو يرى والديه يعملان في التجارة. وقد جاءت فرصة العمل في مجال أحواض السباحة في وقت مبكر، فاغتنمها على الفور. يقول: “كنت دائمًا أطمح للنمو مهنيًا وماليًا. وأعتقد أنني عشت فترة جيدة مليئة بالفرص، ورأيت في هذا المجال إمكانات كبيرة لتطوير شركتي بالتوازي مع توسع المانحة الرئيسية”.
وبعد نحو عقدين من الزمن في نفس القطاع ومع نفس الشركة، لا يزال عمر يتطور ويوسع أعماله – من النموذج التقليدي لشركة iGUi بأحواض الألياف، إلى هذه المرحلة الجديدة بأحواض السباحة الفاخرة. تأسست الشركة عام 1995 في غرافاتاي (ريو غراندي دو سول)، وهي اليوم أكبر منتج لأحواض السباحة الجاهزة في العالم، موجودة في أكثر من 50 بلدًا، بما فيها الشرق الأوسط. وفي عام 2008 أنشأت شبكتها الخاصة من الامتيازات.
الماضي والإرث

بعد ستين عامًا في البرازيل، لا يزال رب العائلة يصوم رمضان، ويستخدم بعض التعابير بالعربية، ويحافظ على بعض العادات الفلسطينية. أما الأبناء فيشاركونه في بعض التقاليد. لكن داخل بيت عمر نفسه، ومع أولاده البالغين 14 و7 أعوام، تراجعت هذه الممارسات. يقول: “بصراحة، لا نمارس التقاليد العربية في حياتنا اليومية. لكنهم يعرفون الكثير عن تاريخ جدهم، وعندما يقضون الوقت معه يعيشون جزءًا منها”. ويضيف مبتسمًا: “وبالطبع، مطعم العائلة المفضل هو مطعم عربي”.
فالطعام وحسّ التجارة هما أبرز ما يبقى متأصّلًا في الأجيال البرازيلية ذات الأصول العربية. يقول عمر: “أعشق المقلوبة والحمص والتبولة واللبن. وعندما زرنا أقاربنا في فلسطين عام 2016، كان الطعام حاضرًا دائمًا بكثرة، فالوجبات هناك تعتبر مناسبة لالتقاء العائلة. وكانت تجربة استثنائية أن أتذوق كل تلك الأطباق في موطنها الأصلي”.
هذا التقرير من إعداد ديبورا روبن بالتعاون مع وكالة الأنباء العربية البرازيلية (أنبا)
*ترجمه من البرتغالية: معين رياض العيّا


