ساو باولو – تناول منتدى الأعمال البرازيلي- العالمي للحلال أوجه التشابه بين المعايير المطبقة على المنتجات والخدمات الحلال وبين المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية (ESG)، وتُقام النسخة الثانية من المنتدى يومي الإثنين (23) والثلاثاء (24) في مدينة ساو باولو وينظمه كل من الغرفة التجارية العربية البرازيلية وهيئة إصدار شهادات الحلال “فامبراس”.
يسعى الإنتاج الحلال إلى تقليص الأضرار على البيئة من خلال اتباع ممارسات مستدامة مثل خفض استخدام المياه والطاقة وتقليص البقايا واستخدام العبوات الصديقة للبيئة، تمامًا كما تنص المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية.
وعلى نحو مماثل تولي صناعة الحلال قيمًا مثل المسؤولية الاجتماعية والممارسات الأخلاقية أهمية كبيرة وتتبع نماذج حوكمة تتسم بالمعاملة العادلة للعمال والامتثال لمعايير العمل والمساواة بين الجنسين وتأمين الرفاهية في جميع نواحي سلسلة التوريد.
ونوقشت أوجه التشابه هذه في حلقة نقاش تحت عنوان “الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة المتوافقة مع قيم صناعة الحلال” التي نسقها روبنز حنّون، الرئيس التنفيذي لشركة “H2R Insights & Trends”، وهو يعتبر أن المبادئ المُتّبعة منذ زمن بعيد في صناعة الحلال لديها أوجه تظافر هائلة مع مفاهيم الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة التي أصبحت محط نقاش منذ زمن أقصر بكثير.
وأوضح حنّون إن “صناعة الحلال تطبق المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة منذ نشأتها، والبرازيل تتمتع بكل ما يلزم لتستلم دفة قيادة هذه الحركة باعتبارها أكبر منتج لصناعة الحلال في العالم”.
أما سولا ألفيز، مديرة الشؤون الفنية للمؤسسة البرازيلية للبروتين الحيواني (ABPA)، فترى أن العلاقة بين صناعة الحلال والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة واضحة وضوح الشمس، وتعتبر أن كليهما يقدّران الاستدامة التي تقوم على التنمية المحلية الآنية بدون إلحاق الضرر بالتنمية المستقبلية.
وأكدت سولا على أن “الاستدامة هي أحد الدوافع التي تحفز شركة ما أو منظمة أو بلد، في حين يمكن تصنيف المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة في خانة النتائج المعلنة”. وأشارت إلى أنه صحيح أن الاستدامة وُلدت من رحم المناقشات البيئية لكن القضية البيئية ليست سوى إحدى ركائزها الثلاثة التي تشتمل على الجانبين الاجتماعي والاقتصادي بالإضافة إلى الجانب البيئي. وتوضح سولا إنه “لا يمكن الحديث عن الاستدامة في حين لم تتحقق التنمية الاقتصادية والاجتماعية”.
كما أشارت سولا إلى الدور الكبير الذي تلعبه البرازيل على الساحة العالمية في مجال البروتين الحيواني، وخاصة عندما يتعلق الأمر باستعدادها التام لتلبية مختلف الأسواق. وأضافت إنه “بالإضافة إلى كوننا أكبر منتِج للحوم الدجاج في العالم فإننا أكبر مُصدّر للبروتين الذي ليس له قيود دينية ولا ثقافية ولا غذائية وبرهن يومًا بعد يوم مثاليته في تلبية الاحتياجات الغذائية العالمية”.
أما فيرناندو سامبايا، مدير شؤون الاستدامة في الجمعية البرازيلية لقطاعات تصدير اللحوم (Abiec)، فقدّم لمحةً عامةً عن هذا القطاع، مفادها إن البرازيل تمتلك 202.78 مليون رأس من الماشية، وتذبح 42.31 مليون رأس سنويًا تُحيلها إلى 10.79 مليون طن من منتجات اللحوم البقرية، يُباع 7.78 مليون طن منها في الأسواق المحلية في حين يُصدَّر 3.02 مليون طن إلى الخارج.
تُظهِر هذه الأرقام أن قطاع تربية الماشية في البرازيل يمتلك أكبر قطيع تجاري في العالم، وتمثل جمعية “Abiec” ما معدله 80 بالمئة من الذبائح و98 بالمئة من إجمالي صادرات اللحوم التي تُشحن بشكل أساس إلى أوروبا، ومؤخرًا إلى روسيا ودول الشرق الأوسط والصين. ويفيد فيرناندو إن “الطلب على خدماتنا في تزايد، ووجهتها الدول الناشئة على وجه الخصوص لأنها دول تشهد نموًا سكانيًا وارتفاعًا في الدخل”.
ووفقًا لسامبايو، فإن هذا التهافت على الطلب الخارجي يجعلنا نتساءل إذا ما كان بوسع البرازيل فعليًا تلبية هذا الطلب على نحو مستدام. هذا وتُصنَّف صادرات اللحوم الحلال من بين الصادرات الأسرع توسعًا، بما في ذلك إلى الصين، وهي تستهدف السكان المسلمين في تلك الدولة الآسيوية.
أما ليونيل ألميدا، مدير شؤون الاستدامة في شركة “مارفريغ” (Marfrig)، فقال في مداخلته في حلقة النقاش تحت عنوان “الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة المتوافقة مع قيم صناعة الحلال” إن الشركة تدرك أن الاستدامة والابتكار والتكنولوجيا تسير باتساق وتتيح لنا بذلك أن نفعل الصواب وأن نعمل تحت لواء القانون وأن نقوم بالعمل الصحيح، وأضاف إن “هذا يتماشى مع مبادئ صناعة الحلال”.
كما يرى ألميدا إن شركة “مارفريغ” تتبع معايير الاستدامة في جميع أنشطتها، بدءًا بالتحكم بمصدر الحيوانات المُزمع التعامل معها، مرورًا بكيفية معاملتها والاستخدام الواعي للموارد الطبيعية، وصولًا إلى الحد من الغازات الدفيئة. كما صرح المدير قائلًا: “كل هذا من دون أن ننسى المسؤولية الاجتماعية الملقاة على عاتقنا بالنظر إلى أن القائم على كل هذه الأنشطة هي اليد العاملة البشرية”.
وتعمل شركة “مارفريغ” اليوم على متابعة سلسلة من المتطلبات الأساسية قبل استلام الحيوانات من مورديها لكي تضمن أن المنتجات التي تبيعها مطابقة لجميع المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، ويقول مديرها: “نتابع عشرة عناصر على الأقل قبل كل تداول جديد بهذه الحيوانات”.
كما اعتمدت الشركة منذ عام 2020 برنامج “مارفريغ الخضراء” الذي يهدف إلى فرض كل هذه المعايير ليس على الجهة الموردة التي تتداول بالحيوانات بشكل مباشر مع الشركة فحسب، بل على السلسلة بأكملها التي مرت فيها هذه الحيوانات قبل التداول فيها.
ويجدر الذكر أن المنتدى البرازيلي- العالمي للحلال (GHB) يحظى بدعم من أكاديمية الحلال الدولية وغرفة التجارة والصناعة والزراعة الإسلامية واتحاد الغرف العربية وجامعة الدول العربية. وهو يُقام بالشراكة مع الحكومة الفدرالية البرازيلية ووزارة التنمية والصناعة والتجارة والخدمات (Mdic) ووزارة الشؤون الخارجية والوكالة البرازيلية لترويج الصادرات والاستثمار (ApexBrasil). أما الجهات الراعية له فهي شركات “BRF” و”مارفريغ” و”منيرفا فوردز” وليلى للسياحة والسفر (Laila Travel) والخطوط الجوية التركية والوكالة البرازيلية للترويج السياحي الدولي (Embratur) و “سفر بلاس” و “H2R Insights & Trends” و “WLP” (World Logistics Passport) ومصرف “ِABC Brasil” و”سيارا” (Seara) و”Pão & Arte” و “كريستال بلاس” و “بامونا أليمنتوس” (Pamunã Alimentos).
ترجمته من البرتغالية مريم موسى