ساو باولو – يقوم مهرجان سينمائي بعرض الأفلام القصيرة التي تصل مدتها إلى دقيقتين، لعشر مخرجات سينمائيات أفريقيات، حول نمط الحياة في ظل جائحة كورونا وتداعياتها على الأصعدة الشخصية والاقتصادية والاجتماعية. هذه المبادرة أطلقها المهرجان السينمائي “أفريكا اين موشين” (Africa in Motion)، بالشراكة مع “مؤسسة لاديما” (LADIMA FOUNDATION)، وهي منظمة أفريقية غير حكومية تشجع الإنتاج السمعي البصري للنساء.
تتحدث الأفلام عن الصعوبات التي تواجهها المرأة الأفريقية، على شكل قصص مؤثرة تحمل في طياتها موضوعات إجتماعية مثل العنف المنزلي، ونقص الفرص، وزيادة عبء أعمال الرعاية. وهناك أيضاً قصص الصمود والأمل، كالتي يرويها الفيلم القصير تحت عنوان “وجود” (Being)، للمخرجة السينمائية المصرية ملك العربي، الذي يعكس صورة أكثر إيجابية للحظة التي نعيشها حالياً.
ومن بين الأعمال السينمائية العشرة هناك أفلام لمخرجات من كينيا وغانا وجنوب إفريقيا ونيجيريا. وقد حصلت كل مخرجة لقاء مشاركتها في المهرجان على مبلغ قدره 500 دولار أمريكي (3.042 ريال برازيلي)، إضافة إلى عرض أعمالهن بتنسيقات مختلفة.
هذا ويمكن مشاهدة الأفلام على الموقع الإلكتروني لـ “أفريكا اين موشين” (Africa in Motion)، مع الترجمة إلى البرتغالية، في مهرجان السينما الأفريقية، وهو مشروع قامت بإعداده “آنا كاميلا استيفيس”، التي أنجزت هذا العمل بهدف توسيع مدى انتشار هذه الإنجازات السينمائية بين البلدان الناطقة بالبرتغالية. شاهد أيضاً في نهاية التقرير الصحفي.
وقد أجرت وكالة الأنباء العربية البرازيلية (أنبا) مقابلة مع ملك العربي (الصورة أعلاه)، تحدثت خلالها عن عملها السينمائي الثاني. والجدير بالذكر أن المخرجة المصرية، البالغة من العمر 21 سنة، تقيم في القاهرة. وفي هذا اللقاء الصحفي شرحت ملك أن فكرة انجاز الفيلم القصير جاءت خلال فترة الإغلاق المفروض، التي جعلتها تفكر بأشياء شعرت بفقدانها. ويحتوي الفيلم على مشاهد كانت قد صورتها بنفسها قبل تفشي الوباء، حيث كان الناس يتصافحون ويتعانقون ويتجولون في الشوارع ويجتمعون في أعياد الميلاد وحفلات الزفاف وأثناء التوجه للمساجد من أجل الصلاة.
تقول ملك: “خلال ثلاثة أشهر من الإغلاق المفروض حملني تفكيري إلى التأمل بالأشياء التي أصبحت أحن إليها، مثل الخروج مع أصدقائي، وحفلات الزفاف والتخرج، إضافة لأشياء بسيطة كتشابك الأيدي. هذا الوضع الجديد جعلني أفكر بمدى عدم اكتراثنا بالأشياء الصغيرة. وهذا بالنسبة لي أمر جيد لأن الحجر الصحي جعلني أقدر أهمية هذه الأمور”. وأضافت أنه عندما سألت أصدقاءها عن أكثر الأشياء التي يشعرون بفقدانها، ذكروا جميعاً هذه الأمور البسيطة في حياتهم اليومية.
وأردفت قائلة: “عندئذ وردت على خاطري فكرة إنجاز فيلم قصير يجعل الناس يشعرون بما أشعر به حيال هذا الحجر الصحي. وبدلاً من التفكير بالجوانب السلبية وبالإكتئاب الذي حل بنا نتيجة تفشى جائحة “كوفيد-19″، شعرت أنه من الممكن الخروج ببعض النتائج الإيجابية وأن نجعل الناس يتأملون في أهمية الأشياء الجيدة التي في متناول أيديهم، والتي بإمكاننا أن نغتنمها بشكل أفضل عندما تنتهي هذه الأزمة”.
وذكرت أن الغرض من الفيلم هو توجيه رسالة إيجابية للناس في هذه اللحظة من الإجراءات التقييدية. وقالت: “لا يجب أن نعطي للأشياء قيمتها فقط عندما نفقدها، بل ينبغي علينا أن نقدر الأشياء كما هي ونكون ممتنين”.
ولأن إجراءات الحجر الصحي حالت دون التمكن من التصوير في الشوارع، استخدمت ملك مقاطع الفيديو التي كانت قد التقطتها عن طريق جهاز الهاتف أو آلة التصوير قبل تفشي الوباء، لتتمكن من إنجاز عملها. وقالت: “اخترت بعض المشاهد من مقاطع الفيديو الأرشيفية، ثم قمت بعمل مونتاج مع ما كتبته – النص الموجود في الترجمة – وانجاز الفيلم القصير، لأنني صممت حقًا على إنتاج هذا الفيلم لكنني لم أستطع الخروج، حيث فُرض علينا المكوث في البيت”.
وتظهر ملك في بعض مشاهد كالفيلم، كالمقطع الذي تظهر فيه ممتطية دراجة نارية، كما تظهر في لقطة أخرى وهي تمشي. أما المشاهد الأخرى فتتكون من مناظر طبيعية، وأصدقاء وأقرباء المخرجة المصرية، مما يعطي للفيلم طابعاً واقعياً، حسب وجهة نظرها.
وتضيف المخرجة أنها قامت بإنتاج الفيلم بحيث يبدو وكأنه مشاهد لتلفزيون قديم لإعطاء الإنطباع لدى المشاهد بأنها ذكريات قديمة. وقالت: “ولكن عندما ينتهي كل هذا، آمل ألا تكون مجرد ذكريات”.
والجدير بالذكر أن هذا ليس هو العمل السينمائي الأول الذي تنجزه ملك. فهذه الشابة المصرية المولعة بالسينما أنتجت فيلماً قصيراً آخر، كما أنها اعتادت تصوير مقاطع فيديو في كل بلد تزوره. وقالت: “أحب سرد القصص عن ثقافات مختلفة من خلال الكاميرا ونظرتي”.
ومع ذلك فإن هذا العمل الأخير له ميزة خاصة بالنسبة لها. وأوضحت قائلة: “لهذا الفيلم مكانة خاصة بالنسبة لي، خاصة وأنني أنجزت هذا العمل آنذاك بدافع عاطفي، وأردت أن يشعر الناس بما كنت أشعر به. لقد كنت حزينة، وفي الوقت نفسه صممت أن أبقى ايجابية، لكي يفكر الناس بشكل إيجابي، لذلك كان من الصعب انجاز هذا العمل. لكنني آمل أن أكون قد حققت ما كنت أصبو إليه. وبصراحة كنت أخشى عرض فيلمي للعالم، لكن النتيجة كانت جيدة جداً، لأن ذلك هو ما أطمح لإنجازه دائماً. وكانت “مؤسسة لاديما” (LADIMA FOUNDATION) هي التي جعلت ذلك ممكناً، وهي التي تنشر عملي في مختلف أرجاء العالم ليراه ويشعر به الجميع. لذا فإنني ممتنة على هذه الفرصة”.
يمكن مشاهدة الفيلم المصري القصير اعتباراً من الدقيقة (16:45) في الفيديو أدناه.
*ترجمة صالح حسن