القاهرة – كشف الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، عن خطة الدولة المصرية للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية الكبيرة التي يواجهها العالم أجمع ومصر جزء من هذا العالم.
وعرض مدبولي، عددا من المحاور تضمنت الوضع الاقتصادي الحالي على مستوى العالم، وتداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد المصري، وكذلك الإجراءات التي تتخذها الدولة حاليا للتعامل معها والخطوات التي ستتخذها خلال الفترة المقبلة.
وتشمل خطوات الدولة تعزيز نشاط القطاع الخاص، والعمل على زيادة توطين الصناعات المصرية، الى جانب وضع خطة واضحة لخفض الدين العام وعجز الموازنة، وإجراءات تنشيط البورصة، وبرامج الحماية الاجتماعية وتوفير السلع الأساسية للمواطنين.
وشدد رئيس الوزراء علي إدراك أننا نتحدث عن أسوأ أزمة يمر بها العالم بأسره منذ عشرينيات القرن الماضي، أي منذ ما يقرب من 100 عام، والعالم كله يصفها بذلك، مشيرا إلى أن البعض ذهب إلى القول بأنها لم تحدث منذ الجفاف الذي أصاب العالم، والبعض الآخر يرى أنها لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية، وهي فترة ليست بالقصيرة، ولم يشهد العالم مثيلها منذ ذلك الوقت، وقدرت خسائر الأزمة الراهنة على مستوى العالم كله بما يقرب من 12 تريليون دولار من الناتج الإجمالي العالمي.
وقبل الحديث عن الاقتصاد المصري، تحدث مدبولي عن مؤشرات النمو للاقتصاد العالمي والتي تراجعت بصورة كبيرة، ومعدلات التضخم غير المسبوقة، ومستوي الدين العالمي الذي تفاقم، وغيرها من المؤشرات التي تؤكد علي ان الأزمة الحالية غير مسبوقة.
واستعرض رئيس الوزراء خريطة توضح نسب التضخم في مختلف دول العالم، والتي توضح أن مصر تقع في الفئة الواقعة ما بين 6 إلى 10 %، كما أن هناك دولا تجاوزت نسبة التضخم بها 25%، بل وصلت إلى 50% و60% في دول أخرى.
وقارن مدبولي بين اسعار القمح والبترول في مايو 2021 ونفس الشهر من العام الحالي، حيث كان سعر القمح 270 دولارا للطن، وارتفع إلي 435 دولارا، علماَ بأن مصر تستورد ما يقرب من 10 ملايين طن سنويًا، أما بالنسبة للبترول الذي تستورد مصر منه 100 مليون برميل، فقد ارتفع سعرة من 67 دولارأ في مايو 2021 إلي 112 دولار في مايو 2022.
تعزيز دور القطاع الخاص رفع نسبة مشاركتة الى 65% من إجمالي الاستثمارات خلال 3 سنوات
وقال رئيس الوزراء ان الحكومة تعمل علي تعزيز دور القطاع الخاص الوطني في النشاط الاقتصادي، ودعم وتوطين الصناعة الوطنية للاعتماد على المنتج المحلي.
وأكد علي ان نصيب القطاع الخاص خلال السنة الاخيرة في إجمالي الاستثمارات بلغ نسبة 30% مقابل 70% للدولة، هذا وتستهدف الحكومة في السنوات الثلاث القادمة، رتفع نسبة مشاركة القطاع الخاص لتصبح 65% من اجمالي الاستثمارات المنفذة، وستعمل الحكومة علي تحسن مناخ الأعمال عبر وثيقة سياسات ملكية الدولة، والتي سيتم الإعلان عنها الشهر الحالي، وستتضمن تحديداً للأنشطة والقطاعات التي ستتواجد فيها الدولة ومؤسساتها بصفة مستمرة، والقطاعات التي ستتخارج منها.
تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال أربع سنوات إعتبارًا من العام الحالي
وأكد رئيس الوزراء، أننا نستهدف تسييل أصول بقيمة 40 مليار دولار خلال الأربع سنوات القادمة، وذلك من خلال طرحها للشراكة مع القطاع الخاص سواء المصري، أو الأجنبي، وتم بالفعل خلال العام الحالي تحديد أصول بقيمة 9 مليارات دولار، وبدء خطوات تنفيذ تسييل تلك الأصول خلال الفترة الحالية، كما تم تحديد أصول بقيمة 15 مليار دولار بصورة فورية، حيث إن مجموع ذلك يفوق المستهدفات للسنتين الأوليين.
تتضمن الأصول مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة، والأصول العقارية، ومشروعات تحلية المياه، ومشروعات فى قطاعات الاتصالات، والتعليم، والبنوك والمصارف.
طرح الأراضي الصناعية بنظام حق الإنتفاع بلا قيود
وأشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة ستتحول إلى نظام حق الانتفاع في الأراضي الصناعية بلا قيود، قائلا:” لا يعنينا تحقيق مكاسب من ثمن الأرض”، والأراضي التي تُملك فسيكون التسعير فقط بقيمة المرافق، وسيتم تقديم المزيد من التيسيرات فى هذا الشأن، تشجيعاً للإسراع بعمليات التنمية.
وأوضح رئيس الوزراء أنه سيتم خلال هذا العام الانتهاء من استراتيجية قومية متكاملة للملكية الفكرية، مع دراسة إنشاء جهاز قومى للملكية الفكرية.
وأكد رئيس الوزراء علي زيادة فاعلية جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، خلال الفترة المقبلة إلى جانب فصل الجهات التنظيمية والرقابية عن الوزارات المنفذة، فصلاً لعملية الرقابة والاشراف عن عمليات التنفيذ.
وأشار إلى العمل على تسهيل وتيسير الإجراءات الخاصة بالشركات الناشئة، وريادة الأعمال وغيرها من الأنشطة، حيث سيتم الاعتماد على فتح وغلق هذه الشركات عن طريق اخطار عن طريق الانترنت، والسماح بفتح الشركات الافتراضية دون التقييد بوجود مقر فعلى للشركة، إلى جانب العمل على تعديل القوانين، سعياً للتوسع فى إقامة المناطق التكنولوجية، وتسهيل اشتراطات اقامة شركات الفرد الواحد، فضلاً عن التيسير فى إجراءات دخول المعدات والمستلزمات الالكترونية.
وأكد رئيس الوزراء أنه تم اتخاذ مجموعة من القرارات تتعلق بتيسير إجراءات إصدار التراخيص والموافقات، وذلك بتحديد حد أقصى 20 يوم عمل، للانتهاء من كافة الإجراءات، وتحديد جهة واحدة للتعامل مع المستثمرين، حيث سيكون هناك ميكنة كاملة لمختلف الإجراءات الخاصة بالإقرارات الضريبية، وإجراءات الترخيص والتسجيل، وكذا ميكنة منظومة الخريطة الاستثمارية، بما يتيح للمستثمر حجز الأراضي واتمام الإجراءات وهو بالخارج.
ونوه رئيس الوزراء إلى أنه سيتم إطلاق حزمة من الحوافز المتنوعة والجديدة، تتضمن حوافز خاصة بقانون الاستثمار، وحوافز خضراء، وحوافز الاستثمار في القطاع الصحي، فضلاً عن تفعيل الرخصة الذهبية، التي سيقوم رئيس الوزراء بإصدارها، وهى رخصة واحدة تلغي كافة الموافقات والاشتراطات المصدرة من جهات أخرى.
ولفت رئيس الوزراء في هذا الصدد إلى أن مصر تعتبر أحد الدول المرشحة لأن تصبح مركزا كبيرا لإنتاج الطاقة المستقبلية المتمثلة في الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء.
هذا وقد وافقت الحكومة على إدراج كل مشروعات إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية ضمن منظومة الاستثمار الجديدة، كما سيتم إصدار قانون جديد سيعفي المنشآت الصناعية والتنموية التي ستنشأ في مدن الجيل الرابع في أنشطة محددة من الضرائب لفترة زمنية محددة تتراوح بين 3 إلى 5 سنوات، منذ بداية تشغيل المشروع، إضافة إلى الحوافز.
اضاف رئيس الوزراء أن الحكومة ستتوسع في إصدار الرخصة الذهبية التي تمنح موافقة واحدة فقط للمشروع، حيث تم اختيار ثلاثة مجالات كبداية، وهي الهيدروجين الأخضر، وصناعة المركبات الكهربائية، والبنية التحتية، لاسيما ما يتعلق منها بمشروعات تحلية مياه البحر والطاقة المتجددة وخلافه.
تعظيم الصادرات وتعميق الصناعة المحلية ضمن أولويات الحوكمة
تستهدف الحكومة تعظيم الصادرات المصرية في 9 قطاعات أساسية تتعلق بصناعة، المنسوجات، الفلزات القاعدية، منتجات المطاط واللدائن، المنتجات الغذائية، معدات النقل الأخرى، الورق وأنشطة النشر، منتجات المعادن اللافلزية الأخرى، الحواسب والمنتجات الإلكترونية والبصرية، المركبات ذات المحركات، المركبات المقطورة ونصف المقطورة، الآلات والمعدات، المنتجات الصيدلانية الأساسية والمستحضرات، ومنتجات المعادن المشكلة باستثناء الآلات والمعدات.
وقال رئيس الوزراء، ان الأزمات الأخيرة أثبتت أهمية الإعتماد علي الصناعة المحلية وتقليل فاتورة الواردات لضمان استقرار الأسواق، كما تم تحديد 23% من إجمالي الواردات المصرية التي تمثل أكثر من 20 مليار دولار أمريكي في ستة قطاعات وهى، الصناعات الكيماوية، الصناعات الهندسية، الصناعات الطبية والدوائية، الصناعات النسيجية، الصناعات الغذائية والحاصلات الزراعية، صناعات مواد البناء والصناعات المعدنية، لمنحها حوافز وللتوسع في تصنيعها محليًا.
انتهت الحكومة من إعداد برنامج صناعة السيارات واستراتيجية توطين صناعة السيارات، ومن المقرر إطلاقها قبل نهاية مايو الجاري، التي ترتكز على أربعة محاور أساسية من أجل تشجيع الاستثمار الأجنبي في قطاع السيارات الكهربائية والصديقة للبيئة، كما سنطلق مشروعات كبيرة محددة مثل مشروع تحديث البيانات أو الداتا سنتر، ومشروعات شبكات نقل البترول والغاز، وكذلك التوسع في محطات إسالة الغاز، وأبراج شركات الاتصالات، وإعادة تأهيل محطات الرياح، وكل هذه المجالات لها مشروعات سنعلنها للقطاع الخاص لدخول الاستثمار الأجنبي فيها.
وقال رئيس الوزراء، هذه مستهدفات واضحة أمام الحكومة تعمل على تنفيذها، ونحن اليوم في إطار توفير موارد غير تقليدية من العملة الأجنبية، وسنطرح خلال الفترة المقبلة الصكوك السيادية، والتي تنطلق فيها مصر لأول مرة، ونعمل حاليا مع عدد من الدول الصديقة لإصدار سندات بها بفوائد أقل من الفوائد التجارية.
دمج أكبر 7 موانئ مصرية في شركة واحدة وطرح جزء منها في البورصة
وأوضح رئيس الوزراء ان الحكومة تدرك حجم التحديات التي تواجه البورصة المصرية، وتم التوافق على 21 إجراء بدأ تطبيقها بالفعل وسيتم تنفيذها خلال الفترة المقبلة، بحيث أن يكون من شأنها زيادة عدد الشركات المقيدة في البورصة، وزيادة عدد المستثمرين المحليين والأجانب، الى جانب إتاحة آليات جديدة داخلها، فضلا عن تعزيز إمكانات إدارة المخاطر لدى شركات الأوراق المالية، أو السمسرة، وكيفية زيادة أحجام السوق المصرية والعمل على مضاعفته خلال العامين المقبلين.
ونوّه رئيس الوزراء إلى أننا نستهدف ضمن برنامج الطروحات 10 شركات تابعة للدولة، منها شركتان من قطاع الأعمال وشركتان تابعتان للقوات المسلحة، التي يمكن طرحها قبل نهاية العام في البورصة المصرية.
وأشار إلي العمل علي دمج أكبر 7 موانئ مصرية تحت مظلة شركة واحدة، حيث سيتم طرح نسبة منها في البورصة، كما سيتم دمج أكبر الفنادق المميزة، والتي تعد من أفضل الأصول في مصر، على أن يتم طرح نسب منها في البورصة للمصريين، ويمكن للمستثمرين المشاركة، وبذلك نعمل على توسيع ملكية وحوكمة إدارة هذه المؤسسات التابعة للدولة.
كما أن المشروعات الكبيرة التي تنفذها الدولة في قطاع النقل الحديث مثل المونوريل أو القطار فائق السرعة، أو القطار الكهربائي، سيتم طرح نسب من هذه المشروعات للقطاع الخاص للاستثمار وإدارة هذه المشروعات خلال الفترة المقبلة.