القاهرة – فى احتفالية ضخمة، قدم الرئيس عبدالفتاح السيسى مدينة الأقصر من جديد، متحفًا مفتوحًا أمام العالم، بما تحويه من آثار وكنوز وحضارة تعود لأكثر من 5 آلاف عام.
تم الكشف عن طريق المواكب المعروف بـ “طريق الكباش” وإحياءه من جديد وبحضور ومشاركة العديد من الشخصيات الدولية وسفراء أكثر من 35 دولة من حول العالم ووممثلي أكثر من 200 قناة ووسيلة إعلامية محلية ودولية.
حضر الاحتفال عدد من الوزراء وبعض أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، والقائم بعمل مدير مكتب اليونسكو بالقاهرة والدكتور زاهى حواس ورئيس الجامعة الألمانية، وأكثر من 35 سفيراً من سفراء الدول الأجنبية والعربية بالقاهرة من (أسبانيا- أستراليا- الأرجنتين – البرتغال – الكونغو الديمقراطية – ألمانيا – المجر – الأردن – السعودية – أمريكا – إيطاليا – بلجيكا – بلغاريا – بولندا – بيلاروسيا – روسيا الاتحادية – فرنسا – كازاخستان – كندا – هولندا – كوريا الجنوبية – التشيك – الهند – إستونيا – أوزباكستان – ليتوانيا – العراق – جنوب السودان – المنسق العام للأمم المتحدة – القائم بالأعمال صربيا – القائم بالأعمال النمسا – القائم بالأعمال سويسرا – والقائم بالأعمال السعودية)، وأكثر من 200 ممثل لوكالات الأنباء والصحف المحلية والدولية، ومجموعة من المدونين والمؤثرين المصريين والأجانب.
وتهدف الاحتفالية إلى الترويج السياحي لمحافظة الأقصر كأكبر متحف مفتوح في العالم وإبراز ما بها من مقومات سياحية وأثرية متميزة ومتنوعة من شمس دافئة ورحلات نيلية بالفلائك وبالون طائر ونزهة بالحنطور على كورنيش النيل الساحر والسوق التقليدى حيث العطارة والمنتجات التراثية.
كما كشفت الإحتفالية عن طريق المواكب الكبرى المعروف إعلامياً بطريق الكباش ونهاية مشروعات هامة بالأقصر: الهوية البصرية – تطوير الكورنيش – وغيرها من المشروعات.
عيد الأوبت
انقسمت الأعياد في مصر القديمة إلى عدة أنواع: أعياد رسمية يتم الاحتفال بها في مصر كلها مثل (عيد السنة الجديدة، أعياد أول الشهر، وأعياد منتصف الشهر، وتتويج الملك…) أعياد محلية تخص كل إقليم على حدا وأعياد دينية مثل عيد الإله مين ويقام في الشهر الأول من فصل الحصاد، وعيد الأوبت.
تم الاحتفال فى الأقصر بالعديد من الأعياد الدينية المهمة فى طيبة ومنها: عيد الأوبت وهو من أهم احتفالات العام، لدرجة أنه أطلق اسمه على الشهر الثاني من فصل آخت، وبهذه المناسبة كان يتم أخذ تماثيل ثالوث طيبة من ملاذهم في الكرنك، ونقلهم إلى معبد الأقصر لمقابلة آمون إم أوبت في (جانبه الخالق وإله الخصوبة).
يربط بين المعبدين طريق طويل تصطف على جانبيه تماثيل أبي الهول، واستخدم الموكب الرائع لعيد الأوبت السنوي للانتقال من الكرنك إلى معبد الأقصر والعودة، كما كان يتم أيضًا استخدام طريق بديل عبر نهر النيل، فى موكب نهري كبير يشارك فيه أسطول كامل من السفن، وبناءً على المصادر المتاحة فقد تم استخدام الطريق البري للذهاب إلى معبد الأقصر والنهر لطريق العودة في عهد حتشبسوت (1473-1458 ق.م)، بينما في أواخر الأسرة الثامنة عشر تم استخدام طريق النهر للذهاب والعودة.
حرص الملوك في الدولة الحديثة على تصوير مشاهد متعددة لمراسم عيد الأوبت، ومن أهم هؤلاء الملوك: حتشبسوت على جدران المقصورة الحمراء بالكرنك، تحتمس الثالث على جدران معبد الآخ منو، أمنحتب الثالث على الصرح الثالث، حور محب في الفناء بين الصرحين التاسع والعاشر، ستي الأول فى فناء الأساطين الضخمة بالكرنك، رمسيس الثالث بالكرنك ومدينة هابو.
صورت جدران البهو الكبير في معبد الأقصر، المنقوشة في عهد توت عنخ آمون (1336-1327 ق.م)، هذا الموكب بتفاصيل رائعة وفيه سار جنود من الجيش، مسلحين بأسلحتهم، على أنغام الموسيقى، وينفخ الجنود أبواقهم ويقرعوا طبولهم بينما أضاف الراقصون المزيد من الحيوية إلى الاحتفالات وأمامهم الثيران المسمنة المقدمة كأضاحي، وركب النبلاء مركباتهم بينما كان الكهنة والكاهنات يهتفون.
كان عيد الأوبت يستمر لعدة أيام اختلف عددها من زمن لآخر حيث أن مدة الاحتفال بهذا العيد في عهد تحتمس الثالث بلغت 11 يومًا، أما في عهد رمسيس الثالث فقد امتد العيد إلى 24 يومًا. ويبدو أن المصريين استمروا في الاحتفال بعيد الأوبت حتى العصر الروماني.
كان الغرض من عيد الأوبت ونقل تماثيل كل من آمون وموت وخونسو إلى معبد الأقصر حيث يتحدوا مع آمون إم أوبت، ليتم تجديد شبابهم وشباب الملك وكل الطبيعة خاصة الفيضان في هذه العملية، قبل أن يعودوا شمالاً إلى الكرنك. ولأن مصر مختلفة عن أي بلد في العالم فالاستمرارية في الاحتفالات الدينية في الأقصر إلى الآن ولكن بغرض مختلف، حيث يحتفل المسيحيون بعيد سان جورج، والمسلمون بعيد أبو الحجاج وفيه يتنزه الناس في مراكب في النيل.
إنتهت وزارة السياحة قبل الاحتفال من أعمال تطوير وإعادة تهيئة المرسى، للفنادق العائمة بالأقصر، وبدأت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذ مشروع تطوير مرسى الأقصر في نوفمبر 2019 وتم تسليمه أول أكتوبر 2021.
ينقسم المرسى إلى قسمين، الأولى بطول 450 متر ليسع إلى عدد 5 أرصفة لرسو الفنادق العائمة، والقسم الثاني بطول 730 متر ليسع لعدد 6 أرصفة لرسو الفنادق العائمة. كما يشمل المرسى عدد 69 محل.
تضمن مشروع التطوير عمل شبكة خاصة بالصرف للمراكب النيلية بطول المرسى، بالإضافة الى عمل شبكة خاصة بالحريق، وتبليط الأرضيات باستخدام الرخام والجرانيت والبازلت الأسود وعمل أحواض زراعات تحتوي على أشكال متنوعة من الزرع، بالإضافة إلى تزويد المرسى بعدد 17 برجولة خشبية و6 أكشاك لخدمة المواطنين مزينة بنقوش تحمل طابع الهوية البصرية المميز لمدينة الأقصر.
تم تجميل المرسى بعمل جداريات من الفنون تعتمد فكرتها على الدمج بين الخط العربي وصور الرجل والمرأة المصرية من مصر القديمة ومن صعيد مصر مع توظيف المناظر الطبيعية الخلابة ورموزها الجميلة كالنخيل والمراكب الشراعية.
كما تم عمل جداريات البوليستر والتي تصور بشكل أساسي مشاهد من حياة المصري القديم في الحضارة الفرعونية وهي مزودة بإضاءة لإبراز جمالها ليلاً.
إليكم مجموعة صور من حفل الافتتاح، نشرتها الحكومة المصرية.
طريق المواكب المعروف إعلامياً بطريق الكباش
بدأ بناء هذا الطريق على يد الملك أمنحتب الثالث، الذي بدأ تشييد معبد الأقصر، ولكن النصيب الأكبر من التنفيذ يرجع إلى الملك نختنبو الأول، مؤسس الأسرة الثلاثين.
يبلغ طول الطريق 2750 متر، وعرض 700 متر، ويصطف على جانبيه حوالي 1200 تمثال، نُحت كل منها من كتلة واحدة من الحجر الرملي، وأقيمت على هيئتين: الأولى تتخذ شكل جسم الأسد ورأس الإنسان، باعتبار الأسد أحد رموز إله الشمس، أما الهيئة الثانية فكانت على شكل جسم ورأس كبش، وهو رمز من رموز الإله خنوم، إله الخصوبة في الديانة المصرية القديمة، الذي قدسوه باعتباره الإله الخالق للبشرية كلها.
وكان في العصور المصرية القديمة “طريق المواكب الكبرى” المعروف إعلامياً بطريق الكباش عبارة عن طريق مواكب كبري لملوك الفراعنة وكانت تحيى داخله أعياد مختلفة منها “عيد الأوبت” وعيد تتويج الملك ومختلف الأعياد القومية تخرج منه.
كان يوجد به قديماً سد حجري ضخم لحماية الطريق من الجهة الغربية من مدينة الأقصر العاصمة السياسية في الدولة الحديثة (الأسرة 18) والعاصمة الدينية حتى العصور الرومانية.
مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى
بدأ المشروع عام 2005 ثم توقف في 2011 ثم بدأ مرة أخرى في سبتمبر 2017 وخلال أعمال الحفائر بالطريق تم الكشف عن عدد كبير من التماثيل على هيئتين: جسم الأسد ورأس إنسان و جسم ورأس كبش بالإضافة الى عدد من المباني السكنية و الإدارية و الخدمية ترجع للعصور اليونانية الرومانية و أفران لصناعة الفخار و التمائم و مبني من الطوب اللبن من عصر الملك منخبرع من الأسرة 21 و شاهد قبر من القرن 10 الميلادي.
تم تطوير الطريق وتحويله الى متحف مفتوح ومعرض للصور النادرة من القرن ١٩ تروي تاريخ معابد الكرنك والأقصر وطريق المواكب الذي يربط بين المعابد وأهم الاكتشافات الأثرية، وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التي كانت تقام في العصور القديمة، وصور الملوك الذين ساهموا في بناء هذا الطريق. كما تم تطوير نظام الإضاءة بالطريق لإبراز جماله.
معبد الكرنك
تم تنظيف وترميم صالة الأعمدة الكبرى بمعابد الكرنك والتي تضم 134 عموداً، حيث تم الانتهاء من ترميم 12 عموداً شارك فيها أكثر من 130 مرمم مصري.
ترميم وتجميع وإعادة تركيب تمثال الملك تحتمس الثاني بمعابد الكرنك، والذي كان مقسم الى 74 قطعة منذ اكتشافه. يبلغ ارتفاع التمثال بعد ترميمه نحو 11 متراً، وهو من أضخم التماثيل بمعابد الكرنك، واستغرق ترميمه نحو 6 أشهر.
كما تم الانتهاء من ترميم تمثال المعبود آمون من عصر الملك توت عنخ آمون وذلك بالتعاون مع المركز المصري الفرنسي لدراسات معابد الكرنك حيث تم وضع تصور كامل لترميم التمثال، واستكمال منطقة الصدر والساق اليسرى بناءاً على تمثال أخر يماثله في هيئته وتاريخه بالمتحف المصري بالتحرير.
معبد الأقصر
قامت وزارة السياحة والآثار بتطوير نظام الإضاءة، بمعبد الأقصر، ترميم 5 رؤوس لتماثيل للملك رمسيس الثاني ووضعها في أماكنها الأصلية على جسم التماثيل بفناء الملك رمسيس الثاني،و تنظيف وترميم وإعادة تركيب تمثالين للملك رمسيس الثاني بالبوابة الغربية للمعبد.
وتم الإنتهاء أيضًا من ترميم صالة ال 14 عامود التي أنشائها الملك توت عنخ آمون والملك حور محب، و تنطيف أعمدة صالة الاحتفالات الكبرى، تنظيف وصيانة واجهة المعبد والتماثيل بها، بالإضافة إلى عمل بوابات لدخول طريق الكباش.