ساو باولو – في يوم الأحد الموافق 26 من الشهر الحالي تسلّم المغرب أول شحنة بـ 2800 رأس من الماشية الحية من ولاية بارا/ البرازيل، عبر ميناء الجرف الأصفر الواقع على الساحل الأطلسي جنوب غرب الرباط. من المفترض أيضاً أن يستقبل هذا الميناء 3000 رأس ماشية آخرين، بتاريخ 8 أبريل. (الصورة أعلاه لغرض التوضيح فقط).
وبحسب فيليبي هيمبورجر، رئيس القطاع الاقتصادي والتجاري في سفارة البرازيل بالرباط، فإن افتتاح سوق المواشي البرازيلية الحية قد بدأ في مطلع العام الجاري. و قال مصرّحاً لوكالة الأنباء العربية البرازيلية: “في يناير، تمت الموافقة على الشهادة البيطرية الدولية، و ذلك خلال مهمة قامت بها هيئة الصحة المغربية إلى البرازيل، حيث التقت ووقعت اتفاقية مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية البرازيلية (MAPA)”.
و شرح هيمبورجر: “منذ أكتوبر من العام الماضي، أراد المغرب استيراد مواشٍ حية من البرازيل. لأسباب عدّة منها أنّ البلاد تمر بجفاف موسمي، ممّا يعرّض تربية المواشي المحلية للضّرر، فضلًا عن زيادة استهلاك اللحوم في ليالي رمضان”، علماً بأنّ رمضان هو شهر مقدّس في الإسلام، يصوم خلاله المسلمون نهارًا، و يروق لهم إقامة موائد الإفطار الجماعية بعد غروب الشمس.
لتشجيع الواردات وضمان الحصول على إمدادات للبلاد، ألغى المغرب التعريفة الجمركية عن الحصّة المحدّدة بـ 30 ألف رأس ماشية و ذلك حتى شهر ديسمبر من هذا العام. ينطبق نظام الكوتا (نظام الحصص) هذا على أي بلد لها علاقات مع المغرب.
و أضاف هيمبورجر: “بإلغاء التعريفة الجمركية، تَشجّعَ المصدرون البرازيليون لخدمة السوق المغربية. إن العجول التي وصلت هي عجول مهجّنة بين سلالتيّ أنغوس و درباني (بالإنجليزية: Zebu)، علماً بأنّ المغاربة لم يعرفوا هذه الأخيرة بشكل جيّد مسبقاً و أنّ هذه هي المرّة الاولى التي تدخل بها هذه السلالة البرازيلية إلى هنا”. الحيوانات التي وصلت تمّ ذبحها على الفور في المسالخ المحلية.
من المقرّر وصول الشحنة الثانية التي تتضمّن 3000 رأس، إلى ميناء الجرف الأصفر في مدينة الجديدة بتاريخ 8 أبريل. فيما يتعلّق بالميناء يقول الدبلوماسي هيمبورجر: “لطالما استُخدِم هذا المسار، إذ أنّه يتمّ إرسال الأسمدة الفوسفاتيّة إلى البرازيل من هنا، لتعود لاحقاً السفينة محمّلة بالمواشي”. من بين المواشي القادمة في هذه الدفعة، سيُذبح 1500 رأس على الفور، بينما سيتم تسمين النصف الآخر في المزارع المحلية.
إذاً و بجمع هاتين الشحنتين فإنّ البرازيل تكون قد صدّرت 5800 راساً. ومن المتوقع أن يقوم البلد العربي بتقديم طلبات جديدة للإمداد بالماشية البرازيلية لتصل إلى 30 ألف رأس و هي الحصّة التي أُلغيت عنها التعرفة الجمركيّة بنظام الكوتا. “استخدمت إسبانيا جزءًا الحصة بـ 3500 حيوان، كما استخدمت أوروغواي القليل أيضًا، ولكن لا يزال هناك وقت بين الآن ومنتصف العام؛ فإذا أراد المصدّر البرازيلي، إرسال ما يصل إلى 20 ألف رأس، فسيجد من يطلب هذا الكمّ”. وبحسب هيمبورجر، فإن الاستيراد من البرازيل أرخص من الاستيراد من اسبانيا، كما أنّ البلاد تتمتع بصورة جيدة في المغرب بما يتعلّق بالزراعة و تربية المواشي. وأعلن: “إنّ البرازيل قادرةٌ الآن على التنافس على قدم المساواة مع أوروبا”.
الماشية الحية أولاً و من ثم اللحوم
أوضح هيمبورجر أن هذا الحافز الضريبي المطبّق على استيراد الماشية الحية يمكن أن يكون نقطة انطلاق لدخول البروتين الحيواني البرازيلي إلى المغرب، سواء بشكل قطع لحم مجمدة أو ذبيحة بأكملها. و قال: “هذا الأمر سيعني دخول البروتين الحيواني من البرازيل، و هو الهدف الذي نريد الوصول إليه. في الواقع، نريد خفض التعريفة الجمركية لقطاع البروتين بأكمله، إذ أنّ لحوم الأبقار الخالية من العظم و المجمدة لديها تعريفة يصل قدرها حاليّاً إلى 200٪، ممّا يشكل حاجزًا جمركيًا، لكن لا يخلو الأمر من وجود بعض الآليات الممكن اتباعها، وبعض الحصص المخصّصة بنظام الكوتا و التي يمكن استغلالها؛ للوصول إلى هذا الهدف”. أمّا في حالة الدجاج المجمد فتصل هذه التعريفة إلى 93٪. بخصوص هذا يقول الدبلوماسي: “هذا عمليًا يزيل المنتج البرازيلي من السوق بسبب الحماية الجمركيّة”.
من الجدير الإشارة إلى أنّ الجيش المغربي يشتري 6000 طن من اللحوم بدون رسوم جمركية، بينما يضغط القطاع الخاص على الحكومة لخفض الضريبة. و يفيد هيمبورجر: “أعتقد أن هذا سيحدث في النهاية. كما أعتقد أنه مع بناء هذه الثقة بين المصدّرين البرازيليين والمستوردين المغاربة، سنصل لحصة معفاة من الضريبة الجمركية للحوم المجمدة أيضًا. البرازيل هي بلد موثوق وتقدم خدماتها بانتظام و لا بدّ أنّها ستساعد المغرب في تحقيق الأمن الغذائي “.
إنّ دولة المغرب العربية لا تتمتّع بالاكتفاء الذاتي من حيث الزراعة والثروة الحيوانية، وعلى الرغم من امتلاكها لقطيع كبير من الأغنام وبعض الدواجن والماشية، إلا أنها تعتمد على الواردات، بما في ذلك تلك التي تحتاجها لتغذية الحيوانات، فضلًا عن أنّها تشتري فول الصويا والذرة من البرازيل.
و باعتقاد هيمبورجر أن هذه الشراكة: “ستكون شراكة رابحة، لأن بيع اللحوم البرازيلية سيكون مفيداً للمستهلك المغربي و المصدّر البرازيلي على حدٍّ سواء”. و يضيف :”إن المغرب سوق مهم، تبعاً لعدد سكانها الذي يبلغ 40 مليون نسمة و هي أيضاً سوق واعد للحوم البقر”.
من 2 إلى 7 مايو، سيقام معرض المغرب الدولي للزراعة (SIAM 2023)، ولأول مرة، ستشارك السفارة البرازيلية في الرباط في الحدث، بدعم من وزارة الزراعة والثروة الحيوانية البرازيلية (MAPA). يقول هيمبورجر الذي يعمل في منصبه لمدة عامين و نصف العام: “13 شركة من قطاعات اللحوم والأغذية والآلات الزراعية، قد سبق و أكّدت حضورها في المعرض”.
ترجمته من البرتغالية: يارا عثمان