ساو باولو – تقوم المملكة العربية السعودية بعمل على مستوى عالمي بهدف نشر اللغة العربية حول العالم، وقد اختارت البرازيل كأحد البلدان موضع التركيز. حيث زار وفد من مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية البرازيل، وأقام فعاليات في الجامعة الاتحادية لريو دي جانيرو، كما عقد الوفد المنتدى الأول للغة والثقافة العربية في البرازيل في 9 تشرين الثاني/ نوفمبر، والذي أقيم في مقر الغرفة التجارية العربية البرازيلية في ساو باولو بالشراكة مع اتحاد المؤسسات الاسلامية في البرازيل – فامبراس.
جمع هذا المنتدى العلماء والباحثين والمهتمين باللغة العربية، حيث استمعوا للكثير حول الجهود السعودية للوصول باللغة العربية إلى نطاق واسع، وكذلك عن حضور اللغة العربية في البرازيل وآخر التطورات المتعلقة بنشرها في البلاد. من جانبه، لخص الامين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبد الله الوشمي هدف السعودية في نشر اللغة العربية في البرازيل حيث قال: “على الرغم من البعد الجغرافي للبرازيل، نعتقد بأن اللغة والثقافة العربية تقاربان بين الشعوب”.
كما تحدث مدراء المجمع عن كيفية عمل هذه المؤسسة. حيث أشاروا إلى أن إحدى المهمات الرئيسية هي وضع خرائط للوضع اللغوي في بلد أو منطقة معينة لتطوير برامج مناسبة لهذا الموقع. وعمل مهم آخر هو مشروع انخراط واندماج الأجانب في اللغة والثقافة العربية الذي يقام في المملكة العربية السعودية ولمدة ثمانية أشهر، بطريقة متطورة تسمح بتعلم ما هو ضروري في اللغة العربية خلال هذا الوقت. ووفقاً لما أفادت به مديرة الإدارة التعليمية في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتورة أمامة الشنقيطي، فإن مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية يمتلك قناة رقمية باللغة العربية لكي يتمكن الراشدون من تعلم اللغة وقناة رقمية أخرى خاصة بالأطفال.
مشيراً إلى استخدام الذكاء الاصطناعي، أفاد مدير التقييم اللغوي في مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الدكتور منصور المالكي متحدثاً بأن المجمع يستخدم وسائل حديثة لنشر الثقافة واللغة العربية. وأشار المالكي من بين هذه النشاطات، إلى الجائزة السنوية التي يقدمها المجمع إلى الأشخاص الذين يعملون لنشر اللغة العربية في أجزاء أخرى حول العالم، كما أشار إلى تطوير اختبار الكفاءة اللغوية الخاص باللغة العربية كما هو الحال في اللغات الأخرى كالإنجليزية واختبار Toefl. وتجدر الإشارة إلى أن الاختبار قد أجري لحوالي 2000 شخص، وهناك مشاورات لكي يتم تطبيقه في البرازيل.
كما استمع الوفد السعودي والحضور إلى محاضرة حول وضع اللغة العربية في البرازيل وخاصة ما يتعلق بالترجمة الأدبية، من خلال تقرير قدمته الدكتورة صفاء جبران، الأستاذة المشاركة في جامعة ساو باولو (USP) في قسم اللغات الشرقية، حيث تحدثت عن الصعود والهبوط اللذان شهدتهما الترجمة إلى اللغة العربية في البرازيل منذ عشرينيات القرن العشرين والتي تخللها كذلك بعض الأوقات التي شهدت تدفقاً أكبر للترجمة إلى العربية، على سبيل المثال عندما فاز الكاتب المصري نجيب محفوظ بجائزة نوبل للآداب في العام 1988.
كما قدمت جبران وصفاً لسيناريو واعد وهو إنشاء مجموعة بحثية باسم “ترجمة” في العام 2013: “وهي مدرسة مترجمي الأدب العربي الحديث”، و;كذلك ولادة “دار طبلة للنشر” في العام 2020، وهي دار مكرسة لترجمة أعمال المؤلفين العرب إلى اللغة البرتغالية. وتجدر الإشارة إلى أنه قد تم تأسيس مجموعة “ترجمة” بشكل غير رسمي حيث أصبحت مساحة للتدريب والنقاش المهم في الترجمة. وأضافت جبران إنه من خلال دار طبلة للنشر، على سبيل المثال، ما تم نشره من الأعمال الأدبية العربية في البرازيل خلال أربع سنوات فقط كان أكبر مما تم نشره خلال فترة السنوات الـ 40 السابقة.
كما سلطت العديد من العروض التقديمية في المنتدى الضوء على حضور اللغة العربية في البرازيل. حيث قدمت نائبة رئيس الغرفة العربية البرازيلية لشؤون لاتصالات والتسويق السيدة سيلفيا أنتيباس، لمحة تاريخية عن كيفية وصول اللغة العربية إلى البلاد، منذ الوجود العربي في شبه الجزيرة الإيبيرية، ثم الاستعمار البرتغالي في البرازيل، إلى وصول العبيد الأفارقة المسلمين إلى باهيا، مما شجع على ثورة تم تنظيمها باللغة العربية، ومن ثم تدفق الهجرة السورية واللبنانية والفلسطينية إلى الأراضي البرازيلية. وأضافت أنتيباس، إن اللحظة الحالية التي تشهد تطوير السياسات العالمية من قبل دول مثل المملكة العربية السعودية، تولد المزيد من الاهتمام باللغة العربية في العالم.
العربية: اللغة التي تُوَلِدُ الاتصالات
وكان نائب رئيس اتحاد المؤسسات الاسلامية في البرازيل- فامبراس، السيد علي الزغبي قد افتتح المنتدى واصفاً اللغة العربية كحلقة وصل تربط ملايين الاشخاص حول العالم. ووفقاً له فإن هناك ما يقارب الـ 400 مليون ناطق باللغة العربية في العالم، وهي لغة هامة وأساسية بالنسبة للمسلمين. لقد نُزِّلَ القرآن باللغة العربية. أما رئيس المجلس الأعلى للغرفة التجارية العربية البرازيلية السيد مارسيلو سلوم، فقد تحدث كذلك في افتتاح المنتدى حيث ربط بين توسع اللغة العربية عالمياً ونشر المعرفة الذي تم من خلال هذه اللغة. كما ذَكَّرَ بأن البرازيل تحتضن حالياً أكثر من 12 مليون عربي ومنحدرين من أصل عربي، وقد أسست مع العالم العربي علاقات وثيقة ملؤها الصداقة والاحترام.
من ناحيته سلط سفير المملكة العربية السعودية لدى البرازيل سعادة السيد ابراهيم غلام الضوء على التوقيت الجيد الذي تعيشه العلاقات البرازيلية السعودية وخاصة في المجالين الاقتصادي والسياسي، وقال بأنه من الضروري اغتنام هذا، من أجل تطوير المجال الثقافي كذلك. وأضاف سعادته بأنه يلحظ اهتماماً من السلطات البرازيلية لتعزيز حضور اللغة العربية في البرازيل. كما يعتقد السفير بأنه يجب أن يتم تطوير تعلم اللغات بشكل أكبر للوصول لمعرفة أكبر بين الشعبين العربي والبرازيل.
من ناحيته مشيراً لنشاطات المجمع في مناطق مثل فرنسا وافريقيا وتايلاند، قال الامين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الدكتور عبد الله الوشمي، أنه بينما يعقد هذا المنتدى، هناك جهود تبذل لتعزيز وترويج اللغة العربية. وأكد الامين العام بأن المجمع ينظر إلى البرازيل بعين الاحترام والتقدير الكبيرين حيث قال: “لقد وجدنا هنا القبول والمحبة والصداقة”. كما تخللت معظم خطابات المنتدى الاشارة إلى الكلمات البرتغالية ذات الاصل العربي، حيث قام رئيس قطاع الحوسبة اللغوية في المجمع الدكتور عبد الله الفيفي قد أوضح العديد منها: الخياط: alfaiate، والخزامة: alfazema، المخدة أو الوسادة: almofada، الأرز: arroz، الزيتون: azeitona، وغيرها من الكلمات.
كما شهد هذا الحدث الذي جمع أكثر من 100 شخص عرضاً موسيقياً وكتابة بالخط العربي مقدمة للحضور بشكل مجاني. كما شارك من السلطات كل من السفير أحمد سوار، القائم بأعمال السفارة السودانية في برازيليا، وغيره من ممثلي الغرفة التجارية العربية البرازيلية. تجدر الإشارة إلى أن هذا المنتدى قد نظم بالشراكة بين كل من البيت العربي وهو الذراع الثقافي للغرفة التجارية العربية البرازيلية، وأكاديمية الحلال الدولية، وهي مبادرة لفامبراس برئاسة السيد علي الزغبي.
اقرأ كذلك:
المسلمون أكثر من يحافظ على اللغة العربية في البرازيل