ساو باولو – أطلقت الغرفة التجارية العربية البرازيلية يوم الإثنين الماضي (13 مايو) حملة للتوعية بالإستدامة البيئية. وستبدأ المبادرة بسلسلة من الإجراءات ذات الصلة كإستبدال الكؤوس البلاستيكية بفناجين من البورسلان، إضافة إلى إستبدال عصي تحريك السكر البلاستيكية بعصي خشبية مستخرجة من مشاريع إعادة التشجير. ومن المنتظر أن تكسب هذه الحملة المزيد من التفاعل بفضل آراء ومقترحات الموظفين حول الموضوع.
وقد أدلى رئيس الغرفة روبنز حنون بتصريح لـ “انبا” قال فيه: “يشعر العالم بالقلق إزاء القضية البيئية والإستدامة. ونحن نرى بأم أعيننا عواقب عدم الإكتراث بهذه القضية. فكلما تأملنا في قضية الإستدامة البيئية وانخرطنا في هذه الحركة، كلما كان ذلك أفضل. العرب والبرازيليون يتشاطرون الشعور بالقلق تجاه تداعيات إهمال المسألة البيئية وبالتالي علينا أن نتكاتف في مواجهة التحديات التي تفرضها هذه القضية”.
إضافة إلى إستبدال أواني القهوة، ستقوم الغرفة العربية بإستبدال كؤوس الماء البلاستيكية بكؤوس زجاجية. كما ستقوم وسائل التواصل الداخلية بتوجيه رسائل توعوية للموظفين لتقليل الطباعة والإستخدام الواعي للطاقة. وذلك عن طريق الإقتصار على طباعة المواد الضرورية فقط واستخدام وجهي الورقة، وإغلاق أجهزة الكمبيوتر في نهاية الدوام. كما سيتم نشر حملة التقليل من استخدام الطباعة في تواقيع البريد الإلكتروني الخاص بالموظفين.
وقامت مديرة الموارد البشرية في الغرفة العربية البرازيلية، “فابيا بونافينا” (الصورة أعلاه)، بطرح الحملة التوعوية على الموظفين. وشرحت أن الإستدامة لا تقتصر على المسألة البيئية فحسب، بل تشمل أيضاً الركائز الاقتصادية والاجتماعية. وذكر كل من “فابيا” و”حنون” أن هذه الحملة تتماشى وفق الهدف الذي تعمل الغرفة لتحقيقه، ألا وهو تعزيز التواصل ما بين العرب والبرازيليين وتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية والثقافية.
و تعني الإستدامة القدرة على التطور اقتصاديًا واجتماعيًا، مع حفظ العالم الطبيعي وضمان مقومات الحياة المستقرة والآمنة للأجيال القادمة. وتستند الركيزة الإقتصادية على شفافية المعلومات المحاسبية وحوكمة الشركات، إضافة إلى عوامل أخرى. أما الركيزة الاجتماعية فتشمل قضايا مثل ظروف العمل، واحترام حقوق الإنسان، والسياسات العامة التي تستهدف حماية المواطن. وبالنسبة للقضية البيئية فهي ترتكز على الاستخدام الرشيد للمياه، والحد من النفايات، وخفض مستوى الانبعاثات الغازية، وحماية التنوع البيولوجي، من بين أمور أخرى.
وقد أُطلقت الحملة بمبادرة من الأمين العام للغرفة “تامر منصور”، الذي طرح الموضوع على بعض مدراء الأقسام. وبالتالي فقد بوشر بالإعداد لها قبل حوالي شهرين، ضمن عمل جماعي شمل كافة الأقسام، بما فيها قسم الموارد البشرية، والقسم المالي، وقسم التسويق، وقسم العمليات وتكنولوجيا المعلومات. وحول هذا الموضوع شرحت “بونافينا” قائلة: “يوم بعد يوم أرى الأجيال الجديدة والسابقة أكثر انخراطاً في مسيرة الإستدامة. لقد أصبحت هذه الفكرة جزء من حياتنا اليومية، ومن بيئتنا الأسرية والتربوية والمهنية”.
ويؤكد “منصور” أن السعي لتحقيق الإستدامة يرتبط بإجراءات الابتكار والتحديث التي تشهدها الغرفة العربية البرازيلية، والتي بدورها تُحدث تغييرات في طرق تفكير المدراء والموظفين. فمنذ حوالي عام، باشرت المؤسسة في صياغة التخطيط الاستراتيجي للمستقبل، مستعينة بخدمات المكتب الإستشاري (Ernst & Young). وكانت حملة الاستدامة بمثابة منصة لعرض الأفكار المطروحة من مختلف الفرق، حسب تصريح “منصور”.
وقال الأمين العام لـ “انبا”: “إنها حملة مهمة للأشخاص، وللمؤسسة، وللعالم بشكل عام”. وأشار إلى أن المبادرة حملت الموظفين إلى الإمعان في مسألة لا علاقة لها بطبيعة عملهم بشكل مباشر. لكنها مرتبطة بأساليبهم السلوكية اليومية وبمبدأ التعايش فيما بينهم. وتجدر الإشارة إلى أن الغرفة كانت قد اعتمدت إجراءات هادفة إلى ترسيخ فكرة الإستدامة. ففي شهر مايو الجاري، حازت المؤسسة على جائزة (Stand APAS Show by Popai 2019) من فئة الجناح الدولي، بفضل جناحها في معرض السوبر ماركت (APAS) الذي تم تركيبه باستخدام منتجات خشبية مستخرجة من مشاريع إعادة التشجير، والذي اعتُمد في تصميمه على التراث العربي.
وقد تبنت الدول العربية العديد من المشاريع الرامية إلى تحقيق الاستدامة. فعلى سبيل المثال أطلقت الإمارات العربية “استراتيجية الإمارات للطاقة 2050” التي تهدف إلى جعل المصادر النظيفة تشكل نسبة 70٪ من مصفوفة الطاقة. وفي مبادرة أخرى، أعلنت مصر في الأسبوع الماضي عن اتخاذ إجراءات هادفة لتشجيع استخدام السيارات الكهربائية. كما يخطط السعوديون لزيادة نسبة المساحات الخضراء في عاصمتهم الرياض، من 1,9% حالياً إلى 9% حتى عام 2030 ، وذلك من خلال زراعة 7,5 مليون شجرة.
ترجمة صالح حسن