ساو باولو – ابتكرت الشركة البرازيلية الناشئة ” كوغنيساينس” برنامجاً قادراً على تشخيص حالات التوحد عند الأطفال والبالغين. تنوي هذا الشركة التي تأسست في فلوريانوبوليس (سانتا كاتارينا) منذ عام ونصف العام، من قبل أخصائي طب الأعصاب الدكتور ” ليوناردو ماتوس” والأخصائية النفسية “أندريسا روفيدا” (الصورة أعلاه) حصر وتحديد كل حالات التوحد في البرازيل والعالم أجمع، قبل وصولها إلى عيادات الأطباء.
فاز هذا المشروع ببرنامج رواد التكنولوجيا والابتكار (TIP Summit) في أبو ظبي، والذي أقيم في شهر فبراير. ومن بين أربعة آلاف شركة مشاركة في هذه الفعالية، فازت خمس شركات صاعدة في مجالات الصحة والبيئة والطاقة، وجاءت ” كوغنيساينس” ضمن الخمس شركات المختارة لقطاع الصحة، حظيت على جائزة ماديّة وتعتزم نشر البرنامج في الإمارات. وستفتتح الشركة مكتباً لها في أبو ظبي حتى نهاية نصف السنة الحالية.
تحدثت وكالة الأنباء العربية البرازيلية مع “ليوناردو ماتوس” الذي بدوره حدثها قليلاً حول البرنامج المبتكر وحول المشاركة في “TIP Summit”، هذا الحدث الذي أطلقته وزارة الاقتصاد بدولة الإمارات العربية المتحدة.
قال الطبيب ماتوس بأن اضطراب طيف التوحد لا يزال غير معروف جيداً في العالم، تبعاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية “OMS” فإن حوالي 1% إلى 2% من تعداد سكان العالم مصاب بمرض التوحد (احصائيات عام2010). يشرح ماتوس ما يلي:”إذا افترضنا أن نسبة 1% من السكان مصابون بالتوحد، هذا يعني أنه يوجد مليونا مصاب في البرازيل، ولكن في الحقيقة إن عدد الحالات التي تم تشخيصها في البرازيل ثلاثة آلاف حالة فقط. أي 0.15 % من سكان البرازيل، ما يعني وجود 99.85 % لا يعرفون بحقيقة إصابتهم أو حتى يتجاهلونها، ونحن نريد الوصول لهؤلاء الأشخاص، لأنه إذا لم يكن لديهم التشخيص الصحيح، فلن يذهبوا إلى الطبيب”.
إن هذا البرنامج على حد قول “ماتوس” ينقسم إلى مرحلتين: الأولى وهي عبارة عن مجموعة أسئلة “اختيار من متعدد”، سهلة الاستخدام، والتي تتعدل تبعاً لإجابات المشاركين. إذا تبين أن هناك أي إشارة لوجود التوحد، فيحال الشخص إلى المرحلة الثانية من البرنامج وهي عبارة عن تتبع النظر عبر كاميرا الحاسوب.
“يمكنك إجراء الفحص عبر الإنترنت، إنها أسئلة عالمية، مترجمة للغة الإنكليزية والعربية، وأما عن فحص النظر فهو لا يتعلق بأي ثقافة أو لغة وليس بحاجة للترجمة. وتبعاً لنتيجة الفحص فإن الطفل أو البالغ يمكنه الذهاب للطبيب حتى يتلقى العلاج المناسب، ودمجه بالمجتمع من جديد” شرح ماتوس.
يتم فحص تتبع النظر في المرحلة الثانية بواسطة محفزات بصرية، مثل ألعاب الفيديو التي تعمل على تحفيز ردود أفعال، ومن خلال ضبط هذه الردود يمكننا تشخيص الحالات. قال ماتوس: “إن ما نريد ابتكاره يأتي بمثابة نوع من تجارب القدم المطبقة على المصابين بالتوحد، وإذا نجحنا بتطبيق هذا الماسح الضوئي العالمي، فإننا نكون قد ساعدنا بعملية فحص السكان، مسخرين التكنولوجيا لخدمة العائلات والأطباء”.
المرحلة الأولى من البرنامج، استبيان الأسئلة، هي مرحلة مجانية. أما المرحلة الثانية فتكلفتها 250 ريال برازيلي. بناءً على قول “ماتوس” فإن الجمهور الذي تستهدفه هذه الشركة الناشئة هو العائلات والشركات والحكومات. “إن عملية الشراء من قبل الأهل تتم بسرعة، ومن قبل الشركات تأخذ بعض الوقت، وهو محط تركيزنا حالياً، وأما فيما يخص B2B والحكومات فالعملية تأخذ وقتاً طويلاً، ولكننا أيضاً نعمل على تحقيق ذلك” قال.
بالنسبة للحكومات، فإن هذا البرنامج سيساعد على سبيل المثال في عملية تصنيف المرضى ضمن طوابير الدور في المشافي الحكومية SUS. المريض الذي تم تشخيصه بالتوحد يذهب إلى أول الدور، ويمنح صفة الأولوية. “لن تحتاج الحكومات إلى مشافي مخصصة لعلاج المصابين بالتوحد، لربما تحتاج فقط لإعادة تنظيم الدور، وهذا سيكون له أثر مالي من خلال تخفيض حجم المصاريف الحكومية، لقد قمنا بتطبيق الاختبار في مدارس محلية في فلوريانوبوليس” قال ماتوس.
لقد ساعد هذا البرنامج الكثير من العائلات والأطفال والبالغين في البرازيل ويسعى للوصول إلى مناطق من الصعب وصول الرعاية الطبية إليها، لتسهيل وصولها للأشخاص هناك. “نحن اليوم نساعد أولياء أمور المصابين، الأطفال والأطباء. نحدد ونراقب هؤلاء الأشخاص، ونقوم بعملية التوعية التي تفرضها الحالة بعد تشخيصها. وهذه هي عملتنا التي تدفعنا للمضي قدماً، بالإضافة للمردود المادي الذي تحتاجه كل الشركات، ينتابك شعور مختلف عند رؤيتك لكل هذا يحدث، تشعر بالامتنان” صرّح.
TIP Summit
تسعى شركة “كوغنيساينس” لتنفيذ مشروعها في الإمارات. “غايتنا هي أن تتخطى الشركة كونها برازيلية لتصبح شركة عربية أيضاً. كان TIP Summit بمثابة جواز سفر لتمكيننا من دخول الإمارات، ذهبنا لنيل الجائزة فقط، ولكن الآن هدفنا إنشاء شراكة عربية، ونحن الآن نبحث عن هذا الشريك”، قال الدكتور “ماتوس”، الذي ينوي فتح المكتب حتى نهاية نصف السنة.
وعلى حد قوله فإن هناك إمكانية قائمة لاحتضان الشركة في الامارات. إن “كوغنيساينس شركة تابعة لـ “ميديتيك”، خامس أفضل شركة قابضة في العالم، في فلوريانوبوليس. “إن ما أشعر به حيال العرب أنهم ملتزمون كثيراً بتلك المواضع التي تخص التكنولوجيا الموجهة لخدمة الأقليات”، قال “ماتوس”.
*ترجمة معين رياض العيّا