ساو باولو – تكتسب البرازيل حالياً مكانة أوسع في سوق اللحوم البقرية في الشرق الأوسط وذلك نتيجة ضعف الإمدادات من لحوم الجواميس الهندية. طرحت هذه المعلومة من قبل الشريك الإداري لشركة “رادار للإستثمار” السيد “لياندرو بوفو” ضمن فعاليات الندوة الالكترونية التي عقدت يوم الثلاثاء (14) برعاية شركة “داتاغرو” للاستشارات الزراعية ورابطة مربي المواشي في البرازيل (GPB). ترسل الهند لحوم الجواميس إلى الشرق الأوسط، ولكنها الآن تواجه صعوبات في عملية ذبح الحيوان وإنتاج اللحوم، جراء تداعيات انتشار وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
قال بوفو: “لطالما كانت الهند أحد أهم الموردين للبروتين الرخيص للشرق الأوسط، وعندما توقفت عن الذبح، وجّه الشرق الأوسط اهتمامه نحو البرازيل كردة فعل شبه فورية، لقد عادوا إلى الشراء بكميات أعلى بكثير”. كما شارك في الحوار ضمن الندوة الالكترونية كل من السيد “جواو سامبايو” مدير العلاقات المؤسساتية في شركة “مينيرفا للأغذية” والسيد “ليوناردو باكو” ممثل عن شركتي “داتاغرو و GPb” وتوسط الندوة المدير العام للرابطة البرازيلية لمربي الزيبو (ABCZ) السيد “بينتو مينيرو”.
وعلى حد قول “بوفو” فإن الصين أبدت شهية مفتوحة على اللحوم البقرية البرازيلية. أدت هذه الأزمة إلى انخفاض في قيم الكثير من العملات العالمية، وجاء الريال البرازيلي ضمن أكثر العملات تدنياً مقابل الدولار الأمريكي. ولكن في الوقت الذي يؤثر ارتفاع الدولار سلباً في نواحي كثيرة من الاقتصاد، فقد كان له دوراً إيجابياً على الصادرات البرازيلية، حيث جعل من بضائعنا أكثر تنافسية في الأسواق العالمية. وعبّر الشريك الإداري لشركة “رادار للاستثمار” عن ذلك بقوله “أودى ارتفاع الدولار بلحومنا إلى مستويات أسعار متدنية جداً”.
جاء حسب المعلومات الواردة في الندوة الإلكترونية بأن سعر كل “أروبا” (وهي وحدة تستخدم لقياس أوزان الأبقار في البرازيل وتقدر بحوالي 15 كغ) من لحوم الأبقار التي يتم انتاجها في البرازيل US$ 37,5 يوم الثلاثاء الجاري، بينما يصل في استراليا إلى US$ 58 وفي الولايات المتحدة الأمريكية إلى US$ 58,5. ويذكر بأن سعر “الأروبا” في الأرجنتين أرخص منه في البرازيل حيث سجل US$ 37 ولكن مع محدودية في كميات الإنتاج. وقال بوفو: “ليس بوسع أي بلد في العالم انتاج لحوم بنفس الجودة والكمية التي تنتجها البرازيل وليس بمقدوره توفير البنية اللازمة لتصدير اللحوم إلى كافة الأسواق العالمية بنفس الأسعار التي نعرضها”.
حسب تحليل المحاورين في الندوة، وعلى ضوء المشهد الحالي فأن السوق العالمية تكتسب أهمية متصاعدة كأحد وجهات منتجات البرازيل من اللحوم البقرية. أكد السيد “جواو سامبايو” بأن الطلب الحالي ليس مؤقتاً أو وليداً للتقلبات في أسعار الصرف. حيث قال: “إنه طلب ثابت”. وذكر أيضاً: “إن أمريكا الجنوبية عموماً والبرازيل على وجه الخصوص تمتلك أفضل الظروف لإنتاج وتوفير هذه اللحوم التي يحتاجها العالم”.
أوضح سامبايو بأن الصين كمستورد أظهرت نمواً خلال العام الماضي، نتيجة انتشار انفلونزا الخنازير وكذلك أيضاً بسبب ارتفاع مستوى الدخل وهجرة السكان إلى المناطق الحضرية، المترافق بزيادة في استهلاك لحوم الأبقار. “وفي هذا السياق تبرز دول كبرى أخرى، كأندونيسيا التي كانت تشتري لحومها بشكل أساسي من استراليا، ذلك البلد الذي يبلغ تعداده السكاني 300 مليون نسمة ويشهد تقدماً اقتصادياً كبيراً، ويتجه إلى اعتناق عادات ذات طابع غربي تتسم بأكل المزيد من لحوم الأبقار، الشرق الأوسط بأكمله وشمال أفريقيا لديهم طلب ثابت بالفعل”، هذا ما أكده مدير العلاقات المؤسساتية في شركة “مينيرفا للأغذية”.
يدرك الاختصاصيون بأن منتجو لحوم الأبقار في البرازيل يندرجون ضمن القطاعات الأقل تضرراً بسبب جائحة (كوفيد-19). باعتقادهم فإن الأهمية الزائدة التي اكتسبها هذا القطاع جاءت بفعل حقيقة حدوث هذه المشكلة في وقت قل فيه المعروض من لحوم الأبقار. وحسب تحليلات المحاورين في الندوة كان للطلب الخارجي الأثر الأكبر على تحسن وضع الصناعة البرازيلية في مجال لحوم الأبقار. إن الأداء اللوجيستي لهذا القطاع حسب رأي المحاورين يسير على نحو جيد نوعاً ما، مترافقاً بخدمات آلية في المرافق، وبسعي الحكومة للحفاظ على نشاط الخدمات اللوجستية، ولكنهم يؤكدون على أن البيئة الحالية تتسم بحالة عالية من عدم اليقين.
قال بوفو: “لسنا بمنأى عن العديد من المخاطر الأخرى والتي يصعب قياسها، وكمثال عليها أذكر ما حصل في الولايات المتحدة الأمريكية الآن، حيث اضطرت إلى إغلاق العديد من وحدات الإنتاج بسبب إصابة الموظفين بعدوى فيروس كورونا”. يؤمن الشريك الإداري لشركة “رادار” بأن وضع البرازيل اليوم أفضل منه في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يوجد في البرازيل مسالخ كبيرة ولكن أغلبها يذبح وسطياً حوالي 500 حيوان باليوم. حيث قال: “لا يتركز الخطر في مكان واحد فقط، ففي حال توقفت أحد الوحدات عن العمل، فمن الممكن تحويل عمليات الذبح إلى مسلخ آخر”.
هناك العديد من الشكوك التي تلوح في الأفق حول موضوع توفير لحوم الأبقار البرازيلية خلال النصف الثاني من العام الجاري. ويؤكد “بوفو” لجوء العديد من الشركات إلى تقليل مشروعاتها من تسمين العجول وذلك بسبب ارتفاع تكاليفها وتفشي حالة من عدم اليقين حول مستويات الأسعار المستقبلية، وغيره من الأسباب. بقوله: “لم نلحظ بأي شكل من الأشكال دعماً لمشاريع تسمين العجول”. هو يعتقد بأنه في حال تعافي الاقتصاد خلال النصف القادم من العام مؤدياً إلى ارتفاع في كميات الاستهلاك، فسنواجه مشكلة في العرض من لحوم الأبقار.
*ترجمة معين رياض العيّا