ساوباولو – كيف كانت معيشة المهاجرين العرب الأوائل الذين هاجروا الى البرازيل، عن ماذا كانوا يفكرون، كيف كان شعورهم تجاه البلد الذي احتضنهم، وكيف كانت اشواقهم الى الارض التي تركوها وراءهم؟. يمكنك الحصول على تلك المعلومات مباشرة من المهاجرين وذلك عن طريق مشروع قدمته جامعة الروح القدس – الكسليك اللبنانية، التي لديها شراكة مع البرازيل من خلال الغرفة التجارية العربية البرازيلية.
بعد ثلاث سنوات من العمل الجاد، اكمل مشروع رقمنة ذكريات الهجرة العربية في البرازيل مرحلته الاولى، و لهذا يتيح امكانية الوصول الى أول 100 نسخة رقمية من المشروع الذي يحتوي على الكتب، المجلات، الصور والجرائد التي كتبها المهاجرين العرب في نهاية القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20، جميع المذكرات متاحة بطريقة رقمية للمهتمين بهذا الشأن، ومن الممكن قراءة قصص وأفكار المهاجرين أثناء تلك الفترة بطريقة مباشرة.
سيتم إطلق الرابط الإلكتروني يوم السبت 26 مارس ، ويسمح للقارئ الوصول إلى المواد التي تم جمعها في هذا المشروع، في فعالية تقام في متحف الهجرة في العاصمة ساوباولو، والتي من خلالها سيتم الاحتفال باليوم الوطني للجالية العربية، علماَ بأن التاريخ الرسمي للاحتفال باليوم الوطني للجالية العربية هو 25 مارس. قالت سيلفيا أنتيباس، المديرة الثقافية للغرفة التجارية العربية البرازيلية في حوار لها مع وكالة الأنباء العربية البرازيلية ANBA، أن هذا المشروع هو هدية إلى الجالية العربية.
يهدف مشروع رقمنة ذكريات الهجرة العربية في البرازيل الى الحفاظ على ذكريات الهجرة العربية بطريقة رقمية، تلك الذكريات التي قد تندثر مع الوقت اذا كانت مادية وليست رقمية. وأشارت إلي وجود العديد من المواد في شكل رقمي، الأمر الذي ساعد على عدم اضاعة الوقت والبحث في المكتبات المختلفة، الهيئات أو المدن للحصول على هذه المواد، والهدف الرئيسي هو أن تكون هذه الذكريات الرقمية مرجع لأعمال الباحثين.
من بين المواد المختارة للرقمنة ، على سبيل المثال ، الصحيفة التي كانت تحمل اسم الفيحاء باللغة العربية و O Mundo Largo باللغة البرتغالية، صدرت الجريدة في عام 1893، نُشرت في مدينة كامبيناس، في المناطق الداخلية من ساو باولو. وبحسب ذكر الباحث والمؤرخ البرازيلي روبرتو خطلاب، مدير مركز سيكال لدراسات وثقافات أمريكا اللاتينية بجامعة الروح القدس، الكسليك، فالصحيفة تعتبر أول صحيفة تصدر في البرازيل باللغة العربية، ليست الاولى فقط في البرازيل ولكن في أمريكا اللاتينية
من لبنان الى أمريكا الاتينية
بدء كل شيء من جامعة الروح القدس – الكسليك. يعتبر مشروع رقمنة ذكريات الهجرة العربية في البرازيل، جزء من اقتراح كبير للجامعة، لجمع ورقمنة ذكريات الهجرة العربية، خاصة السورية واللبنانية في أمريكا اللاتينية. في البداية تم إنشاء مكتبة مادية تشمل تاريخ المنطقة، وبعد ذلك بدأ تطوير المكتبة الرقمية، والوثائق البرازيلية هي جزء من مجموعة أمريكا اللاتينية، مع مواد من بلاد أخرى في المنطقة، من قبل مشروع الجامعة اللبنانية للحفاظ على ذاكرة الهجرة العربية في أمريكا اللاتينية. المواد الخاصة بأمريكا اللاتينية موجودة في مجموعة جامعة الروح القدس – الكسليك الخاصة، وجميعها متاحة للرجوع إليها الآن.
جدير بالذكر أنه تم ابرام اتفاق بين الغرفة التجارية العربية البرازيلية وجامعة الروح القدس – الكسليك لتنفيذ الفكرة في البرازيل، كما لدي الجامعة شراكات مع مؤسسات من دول أخرى في أمريكا الاتينية سيتم الاستفادة منها لتحقيق الهدف. في البرازيل، قدم فريق من الجامعة الفرنسية تدريبات على البحث والرقمنة تحت اشراف الغرفة التجارية العربية البرازيلية. وهكذا بدأ العمل العام والخاص لتحديد المنشورات، الوثائق والصور، بدايةً في مدينة ساو باولو، ولاحقًا باختيار ما سيتم رقمنته.
بتوجيهات من خطلاب، قامت هلويزا ديب، منسقة المشروع في البرازيل، وميرنا عادل ناصر، مساعدة ادارة خدمات التوثيق بالغرفة العربية آنذاك، بالبحث عن أصحاب الأعمال. ووفقًا لديب، فقد تم بالفعل إجراء عمليات تحديد ورقمنة في الأرشيفات، مثل تلك الخاصة بالغرفة التجارية العربية البرازيلية، ومعهد الثقافة العربية (إيكارابي)، والنادي الرياضي السوري، نادي حمص، مكتبة ماريو دي أندرادي وبيت الطفولة السوري. سيتلقى الفريق أيضًا مواد رقمية من الأرشيف العام لولاية ساو باولو، كما تم توفير صور لعائلة جافت ذات الأصول العربية.
العديد من المنشورات مكتوبة بلغتين باللغة العربية، كما توجد منشورات أخرى باللغة البرتغالية، ويتوقع القائمون على المشروع بظهور ترجمات لعدة لغات أخرى حين يتم توفير الوثائق الرقمية. وقالت ديب، أنا متحمسة للغاية لكي أري ترجمات لهذا التاريخ الذي سمعنا عنه. تعتقد المنسقة أن نقل الذكريات بطريقة شفهية يمكن أن يؤدي الى ضياع المحتوى على مر السنين.
مجموعة من الذكريات
يتناول مشروع رقمنة ذكريات الهجرة العربية في البرازيل رقمنة النصوص و الصور وليس تحليلها، وانتهى الأمر بميرنا عادل ناصر، المتحدثة باللغة العربية، ذات الأصول اللبنانية، التي عملت في المشروع حتى وقت قريب ، بحصولها على مساحة من الوقت لقراءة المواد وذكرت عن وجود خيوط تعطي فكرة عن المدخلات التي سيجدها الباحثون والمهتمون بالموضوع.
كان كتاب الكرمة من أحد المنشورات التي حازت على اهتمام ناصر، الكتاب الذي نُشر في أوائل القرن العشرين تحت قيادة المهاجرة سلوى سلامي أطلس، تقول ناصر: لقد كانت أطلس شخصية أنثوية حاضرة للغاية، ورائدة جدًا هنا. فمن خلال تحليل سريع للمجلة التي كانت موجودة منذ أكثر من 30 عامًا، لاحظت ناصر التغيير في جوهر الموضوعات التي تمت تغطيتها. فالطبعات الأولى كانت تتحدث عن الأسرة، ولكن مع مرور السنين، اكتسبت مساحات أخرى في المجال المجتمعي والسياسي.
وقالت ناصر كان هناك انفجار في الاتصالات العربية، يمكنك أن ترى ذلك. كان الجميع متعطشًا جدًا لمشاركة أفكارهم، حيث أفادوا بأنهم عبروا عن آرائهم في النصوص المتعلقة بسياسة البرازيل وبلد المنشأ. وأوضحت ديب إن العديد من هذه المجلات أسستها مجموعات سياسية قام العرب بإنشائها في البرازيل، ومن خلالها نجح المهاجرون في وصول أفكارهم إلى بلدهم الأصلي.
ومن ضمن المجموعة أيضًا مجلة الجامعة الأندلسية للآداب العربية التي نشرها مهاجرون في أوائل القرن العشرين، ويقول خطلاب أن المجلة كانت جزءًا من نهضة اللغة العربية. وأضافت أن الكتاب والمثقفين العرب الذين لم يتمكنوا من النشر في الشرق الأوسط ، لأن الإمبراطورية العثمانية منعتهم، أرسلوا مقالات إلى الجامعة الأندلسية. ووفقًا لخطلاب، كانت البرازيل إحدى القواعد التي يمكنهم للعرب من خلالها التعبير عن معرفتهم ونقل اللغة العربية اليها.
للمزيد من الأبحاث
يلمح قادة المشروع الى المساهمات التي يمكن أن يقدمها الأرشيف للبحث في هذا الموضوع. كمؤرخة، تقول أنتيباس إنها تعتقد أنه من الضروري الوصول إلى الوثائق الأصلية حتى يمكن سرد تاريخ الهجرة بشكل صحيح، حيث انه بالوصول إلى الوثيقة الأصلية، سيكون لدينا المزيد من المعلومات، مع إمكانية تفسير تاريخ الهجرة العربية بطريقة خاصة.
طبقاً للمنسقين، فان العمل سيستمر ولن يكون هناك تاريخ لانتهاء المشروع. كما أن المنسقين مستعدين للاستماع الى اقتراحات جديدة بشأن المواد المراد رقمنتها، بل ويطلبون من أي شخص لديه إصدارات من المجلات المذكورة وغيرها، الاتصال للمساعدة على إكمال المجموعات، وسيحصل المتنازلون على أسمائهم مكتوبة على المستندات، بالإضافة إلى احتفاظهم بوثائقهم الأصلية، كما سيحصلون على نسخة رقمية منها.
لن يعطي الرابط الالكتروني دخول مباشر على النصوص، ولكن إلى كتالوج المجموعة، للحفاظ على الاسماء والحقوق، فيجب على الأطراف المهتمة طلب المستندات التي يريدون الوصول إليها، وسيحصلون عليها بعد إكمال التسجيل. يجب دمج الأبحاث الجديدة الذي تظهر في الأرشيف الخاص بالمكتبة الرقمية. يقول خطلاب، ما نقدمه هو أدوات للباحثين للعمل بها.
المزيد من التعاون
تقول أنتيباس أن إنشاء البيت العربي ، الذراع الثقافية والهجرة للغرفة العربية، كان سببًا آخر لوجود المؤسسة في المبادرة. أشار فريق المشروع خلال حديثهم مع وكالة الأنباء العربية البرازيلية ANBA، إلى أن الكثير من الأشخاص كانوا متحمسين لكي يقف هذا المشروع على قدميه، فمن هؤلاء المتحمسين رئيس جامعة الروح القدس – الكسليك اللبنانية جورج حبيقة ، الذي كان في البرازيل لتوقيع الاتفاقية مع الغرفة التجارية العربية البرازيلية، وتتم الان متابعة المشروع من قبل العميد الحالي طلال هاشم ومدير المكتبة جوزيف مكرزل.
بدأ مشروع ذكريات الهجرة مع إدارة روبنز حنون في الغرفة العربية، واستمر المشروع مع الرئيس الحالي للمؤسسة أوسمار شحفي، الى جانب مساهمات من المخرج عادل عوادة، ونائب رئيس التسويق رياض يونس من مجلس الإدارة الحالي والرؤساء السابقين، من بين مؤيدين ومشاركين آخرين.
الاطلاق
الحدث الذي سيطلق فيه الرابط يوم السبت سيشمل عدة أنشطة احتفالا باليوم الوطني للجالية العربية. اعتبارًا من الساعة 2:30 ظهرًا ، ستقام محاضرات ومعرض لأفلام قصيرة عن الهجرة العربية في متحف الهجرة. كما سيتم يوم الأحد 27 عبر الإنترنت عرض لمسرحية خطابات لبنانية على موقع اليوتيوب. إحياء الذكرى تحت رعاية المتحف بالشراكة مع الغرفة التجارية العربية البرازيلية.
الخدمات
مجموعة أمريكا اللاتينية – الهجرة العربية
جامعة الروح القدس – الكسليك اللبنانية
قم بالوصول إلى كتالوج المجموعة هنا
للاستفسارات: reference@usek.edu.lb
ترجمة أحمد النجاري