ساو باولو – تبرع الناشر البرازيلي روبيرتو دواليبي للغرفة التجارية العربية البرازيلية بمجموعة تذكارية توثق تاريخ عائلته. تتكون المجموعة من أكثر من 1500 قطعة، بينها كتب وصور وخرائط ومستندات وتسجيلات صوتية توثق تاريخ العائلة، ذات الأصول اللبنانية، وتاريخ الهجرة العربية إلى البرازيل. ستصبح هذه القطع جزءاً من “البيت العربي”، وهو مركز تطوير مؤسساتي وثقافي على مستوى العلاقات بين العرب والبرازيليين تعود ملكيته للغرفة العربية. في الصورة أعلاه، روبيرتو دواليبي (على اليسار) برفقة رئيس الغرفة العربية، السفير اوسمار شحفة.
وفي يوم الثلاثاء الجاري تم تسليم المجموعة رسمياً من خلال حفل خاص في مقر الغرفة العربية وبحضور قلة من الضيوف. سيتم مؤقتاً حفظ القطع في مكتبة المؤسسة وذلك كون “البيت العربي” يعمل حالياً بنسخته الافتراضية فقط. إن مرافق الغرفة العربية من تصميم المهندس المعماري “روي أوهتاكي” الذي سيشرف على إعادة صيانة المكتبة استعداداً للمهمة الجديدة المتمثلة باستقبال المجموعة التذكارية للدواليبي. وعما قريب سيتم السماح للعامة بزيارة المعرض.
وفي هذا السياق عبّر رئيس الغرفة العربية، السفير اوسمار شحفة: «سنعتني بها بنفس الإخلاص الذي كرسه لها روبيرتو. وسنجعلها متاحة لجميع المتحدرين العرب الراغبين بالتعمق أكثر حول أصولهم، وللباحثين والأكاديميين البرازيليين والأجانب، ولجميع المهتمين بالغوص في هذه الحضارة الألفية التي قدمت للبشرية مساهمات فاعلة جداً على مستوى الثقافة والعلوم والإنسانية».
قام روبرتو على مر السنين بجمع هذه التذكارات من خلال مشروع أسماه “Centro de Estudos FamilyD” (مركز بحوث عائلة د). وخلال حفل التبرع بهذه المجموعة التذكارية، كشف الناشر عن أصل المبادرة. الفكرة في بادئ الأمر كانت وليدة القصة التي كان يرويها شقيقه، عن لقائه بفتاة تحمل كنية “دواليبي” ولكن منتهية، باللغة الأجنبية، بحرف “e” (Dualibe). حيث أوضح: «أصابنا فضول لمعرفة المزيد عن هؤلاء الأشخاص الحاملين لنفلس شهرتنا». فهناك إجماع على أن العائلة هي نفسها وإن اختلفت طريقة الكتابة باللغة الأجنبية، “Duailib” أم “Dawalibi” أم “Daualibi” أو أية أشكال أخرى مماثلة.
وإضافة للقاء بالفتاة هناك عاملان آخران أفضيا إلى مشروع “FamilyD”. كان روبرتو قد درس مفهوم الشبكات الاجتماعية في كلية علم الاجتماع والسياسة حتى قبل ظهور الإنترنت. وقد قال موضحاً مفهوم الشبكات في تلك الحقبة: «على كم شخص يجب أن تتعرف حتى تصل إلى الشخص المناسب الذي يرضيك؟». وإضافة لذلك، اضطرت وكالة النشر التي كان يعمل لها روبرتو إلى جمع قائمة بجميع الركاب الذين كانوا على متن أول رحلة لشركة الطيران “VASP” بين ساو باولو وريو دي جانيرو – علماً أنه لم يكن يعرف إلاً عدد قليل منهم – ولكن تم إنجاز المهمة بنجاح. صرّح: «لقد حفزتني تلك المبادرة على فعل الشيء ذاته مع عائلتي، أين هم الآن! وكيف أتوا! وماهي صلة القرابة التي تربطهم!».
قام روبرتو كخطوة أولى بإرسال استبيان قصير لأفراد عائلة دواليبي الذين يعرفهم. حيث قال: «أردت أن أطبق على أرض الواقع ما تعلمته في كلية علم الاجتماع والسياسة». وهكذا بدأت شجرة العائلة تتشكل. ومن ثم بدأ روبرتو بشراء الكتب عن تاريخ لبنان وسوريا والشرق الأوسط والدول العربية عامة، والقيام بمقابلات صوتية مع أوائل المهاجرين من عائلة دواليبي إلى البرازيل. وعليه أخذت مجموعته التذكارية بالاتساع. وطوال تلك الفترة كانت المجموعة محفوظة في شقة في ساو باولو.
وأضاف: «النية كانت تأليف كتاب، ولكن مع انتشار الانترنت أصبح إنشاء موقع إلكتروني أسهل بكثير». يحتوي موقع “FamilyD” على أيقونات، وأخبار، ومقاطع فيديو، وتقارير عن المهاجرين وأحفادهم، وصور، وشجرة العائلة، وغيرها الكثير من المواد التي تتناول تاريخ العائلة والعرب. ولقد تجاوزت هذه الدراسة حدود البرازيل لتضيف على المجموعة سجلات عن عائلة دواليبي في بلدان أخرى.
البيت الجديد
لقد ضاقت شقته بالمجموعة التذكارية، ووجد روبرتو في الغرفة العربية بيتاً جديداً واسعاً لها. كانت المحادثات بهذا الخصوص قد بدأت على عهد الإدارة السابقة للمؤسسة برئاسة السيد روبنز حنون، صديق روبرتو منذ الطفولة، واستمرت مع الرئيس الحالي، السفير اوسمار شحفة، الذي كشف وروبرتو النقاب عن اللوحة التعريفية التي ستبقى في مكتبة الغرفة كدلالة على وجود المجموعة التذكارية. كان للحماس الذي أظهره مسؤولو الغرفة العربية، الدور الأكبر في اختيار المقر الجديد للمجموعة، على حد قول روبرتو. علماً بأن الناشر احتفظ بالمنحوتات فقط.
وبدورها صرّحت المديرة الثقافية في الغرفة العربية، السيدة سيلفيا أنتيباس، أنها ترى في هذه المبادرة الكثير من الكرم سواء من المتبرع أم من المستقبل. حيث قالت: «إنه لكرم كبير من العائلة التبرع بهذا الإرث وكرم من الغرفة قبوله». وأوضحت أن الهدف هو إتاحة هذه المجموعة التذكارية للجميع. وقالت: «ما نريده ليس مجرد كتاب مؤرشف». وأكدت أنه سيصار إلى رقمنة هذا الأرشيف كجزء من مشروع “رقمنة ذاكرة الهجرة السورية واللبنانية في البرازيل” التي تنفذه الغرفة العربية بالتعاون مع جامعة الروح القدس اللبنانية (الكسليك).
الناشر
يصنّف روبرتو دواليبي كواحد من أشهر الناشرين البرازيليين. وهو واحد من مؤسسي إحدى أكبر وكالات الإعلان وأكثرها حصداً للألقاب في البرازيل. وهو أيضاً أستاذ وعالم اجتماع ومحاضر، وألّف كتباً تركت أثراً واضحاً على ثقافة النشر البرازيلية. وهو عضواً في أكاديمية ساو باولو للآداب. يصفه السفير الشحفة بأنه: رمز من رموز الجالية اللبنانية والعربية في البرازيل. حيث عبّر: «نجاح روبرتو وعائلته هو نجاحنا أيضاً لأنه يقدم مثالاً لأسمى النجاحات التي يمكن أن تقدمها الجالية اللبنانية والسورية، والعربية بشكل عام، لازدهار المجتمع البرازيلي».
حظي حفل تسليم المجموعة التذكارية بمشاركة بعض أفراد عائلة “دواليبي”، وشخصيات فاعلة في الجالية العربية في البرازيل، ومسؤولين من الغرفة العربية، بما فيهم الأمين العام والرئيس التنفيذي السيد تامر منصور، ومديرة التسويق والاتصال في الغرفة السيدة سيلفانا غوميز، ونائب الرئيس للعلاقات الدولية السيد محمد عرة مراد، والمديرة كلاوديا حداد، والمدير ويليام عطوي، والرئيس الأسبق للمجلس الاستشاري السيد وليد يازجي، والرئيس الأسبق للغرفة السيد روبنز حنون. كما حضر أيضاً القنصل العام اللبناني في ساو باولو، السيد رودي العزي، ورئيس المحطة التلفازية “TV Cultura” السيد جوزيف روبيرتو معلوف، ورئيس اتحاد الجمعيات الإسلامية في البرازيل (فامبراس)، السيد علي الزغبي، وغيرهم من كبار التنفيذيين والمسؤولين.
*ترجمة معين رياض العيّا