ساو باولو: في عام 2013 قرر عدد من طلاب المرحلة الجامعية، وطلاب الدراسات العليا، والمايجستير، والدكتوراه، وما بعد الدكتوراه، الاجتماع وتوحيد الجهود لمناقشة سبل التصدي للتحديات التي تواجهها مهنة الترجمة في البرازيل، فكان من مخرجات هذا الاجتماع تأسيس مجموعة “ترجمة” التي تشرف عليها الأستاذة صفاء جبران، وهي لبنانية من مرج عيون انتقلت للعيش في البرازيل في عام 1982 واستقرت فيها، ثم أصبحت باحثة وأستاذة بجامعة ساو باولو والمترجمة الأهم لكتب الأدب العربي في البرازيل.
تتبع المجموعة لجامعة ساو باولو التي تدرّس فيها الأستاذة صفاء ومعترف بها من المجلس الوطني للتنمية العلمية والتكنولوجية البرازيلي (CNPQ). صفاء تصف المجموعة بأنها: “أشبه بمدرسة لمترجمي الأدب العربي الحديث، يدخلها المهتمون فيدرسون فيها ويتعلمون ومن ثم يغادورنها أو يقررون البقاء. كما أن أعضاء المجموعة ليسوا محترفين هم متدربين فقط”. وتؤكد أن 90% من أفرادها برازيليون لا أصول عربية لهم.
تستذكر صفاء أنه في فترة وصولها للبرازيل لم يكن هناك اهتماماً كبيراً بالترجمات الأدبية لكن مع مرور الزمن بدأ الواقع يتغير، والسبب وراء ذلك، وفقاً لها، هو تزايد اهتمام دور النشر والقراء البرازيليين بالأدب العربي المترجم مباشرة للغة البرتغالية (دون المرور بلغة ثالثة وسيطة) بعد حيازة الأديب المصري نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب عام 1988، وبسبب أحداث 11 سبتمبر أيضاً في وقت لاحق.
تعتقد الأستاذة صفاء أن الحقبة الأهم في تاريخ المهنة هي التي نعيشها الآن، لاسيما بعد تأسيس دار النشر “طبلة” المتخصصة بمنشورات الأدب العربي والتي أصبح في جعبتها العديد من الأعمال التي تُرجمت على قدر عال من الاحترافية.
منذ تأسيسها وعلى مدى أحد عشرة عاماً توقفت أعمال المجموعة في عدة مناسبات، ولكن بعد إعلان جائحة كورونا صارت الاجتماعات تعقد بواسطة التطبيقات الافتراضية على الانترنت مما سهل مشاركة الأشخاص غير المقيمين في البرازيل. تتمثل آلية عمل المجموعة بأن يقوم أحد الأعضاء بترجمة أحد النصوص التي اختيرت له مسبقاً وعرضها على باقي الأعضاء للاطلاع عليها وتقديم الاقتراحات التي يتم على أساسها تعديل النص ليصل إلى شكله النهائي.
يواجه المترجمون أثناء الترجمة، على حد قول الأستاذة صفاء، أنواع مختلفة من الصعوبات. فالاختيار المناسب لزمن الفعل، على سبيل المثال، هو أحد الإشكاليات المتواجدة في جميع النصوص تقريباً. وعن هذا الموضوع تقول: “قواعد الأفعال في اللغة البرتغالية تختلف كلياً عنها في اللغة العربية. وهناك أيضاً مشكلة ترجمة الأقوال العامية التي قد تظهر في النص، عداك عن التعابير الاصطلاحية الخاصة بكل لغة من اللغتين”.
عن صفاء جبران
حين وصلت صفاء جبران إلى البرازيل لم تكن تجيد اللغة البرتغالية لكنها باشرت التعلم وتقدمت لامتحان القبول الجامعي وتجاوزته بنجاح. وهي تقول: “لم يكن اتقاني لللغة البرتغالية أمراً سهلاً، فقد تطلب الأمر الكثير من التفاني، وفي الحقيقة أنا لا زلت أتعلم حتى اليوم رغم مضي 40 عاماً على تواجدي في البرازيل”. الجدير بالذكر أن الأستاذة صفاء جبران قامت بترجمة أكثر من 20 عمل أدبي إلى اللغة البرتغالية من بينها نصوص كلاسيكية ونحوية، وترجمت العديد من أعمال الأدب البرازيلي إلى اللغة العربية. وبالنسبة للعام 2025، تنوي مجموعة “ترجمة” التركيز على أعمال الكتاب الشباب الذين يتناولون القضايا المعاصرة.
*ترجمة معين رياض العيّا